علي حسني - بوذنيب

انطلقت اليوم الاثنين فعاليات ملتقى بوذنيب للإبداع في نسخته الثالثة الذي تنظمه على مدى يومين جمعية الواحة للثقافة والتربية والتنمية الاجتماعية تحت شعار "ثقافة الإبداع أساس التنمية".

وأكد رئيس الجمعية السيد محمد بنشريف،  خلال الجلسة الافتتاحية لهذه التظاهرة الثقافية، ان شعار هذه الدورة ينبع من كون المدخل الثقافي يعد ركيزة اساسية في أي فعل تنموي ونافذة للاطلاع على المخيال الشعبي وتفكيك رموزه ، مضيفا ان هذا الورش الثقافي يروم  تقديم إسهام ممهور ببصمة فنية راقية تبعث الحياة في أوصال مدينة بوذنيب وتستلهم روح وشاعرية فضاءاتها الطافحة بعبق التاريخ وشواهد الابداع في شتى المجالات والتأكيد عبر الكلمة أن روح الساكنة المحلية لم تفقد بعد وهجها وألقها ولو في ظل إكراهات سوسيو- اقتصادية .

وابرز الفاعل الجمعوي ان رسالة هذا الملتقى المنظم بدعم من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وبشراكة مع مندوبية وزارة الثقافة وفرع اتحاد كتاب المغرب وجمعية حفظ الذاكرة قصر بوذنيب وجمعية الجماعة السلالية لقصر بوذنيب، تتمثل أساسا في التأكيد على دور الجانب الفني والابداعي كرافد أساس لأي فعل تنموي وخاصة إذا تعلق الامر بمدينة بوذنيب التي تمتلك من المقومات العمرانية التراثية والتاريخية والجمالية يميزها عن باقي مناطق الاقليم.

وبعد ان اعتبر ان من شان تقديم الدعم اللازم لهذا الملتقى قصد توفير كافة سبل نجاحه وترسيخه واشعاعه ، اكد بنشريف ان المنطقة تكتسي خصوصية متميزة وتتوفر على كنز هام يتجلى في الإرث الروحي والعلمي والفكري الذي ينضاف الى المؤهلات التي تزخر بها المدينة.

وقال رئيس الجمعية في هذا الاطار ان ملتقى بوذنيب للإبداع يتجه نحو إبراز الجانب الخفي من التراث الشعبي والحافل بالحمولات الفنية والثقافية التي تؤرخ لمنطقة ساهم أبناؤها ورجالاتها فنيا وعلميا وإنسانيا في المشهد الفكري للإقليم، معتبرا ان مثل هذه التظاهرات ستساهم لا محالة في ترسيخ وإنعاش ثقافة ترتكز على التبادل والعطاء٬ والمساهمة في رفد الساحة الثقافية المحلية بالعديد من الأسماء المبدعة في مختلف مجالات الشعر والرواية والنقد والسينما والتشكيل غيرها من الفنون الأدبية.

من جهته٬ اعتبر رئيس فرع اتحاد كتاب المغرب بالرشيدية السيد سعيد كريمي أن هذه المبادرة تأتي تتويجا لسمار طويل قطعته جمعية الواحة في إطار اهتمامها بالفعل الثقافي الجاد والهادف من أجل إشراك كل الفاعلين والمهتمين بالشأن الثقافي لبلورة مشروع خصب تتلاقح فيه كل الآراء والأفكار الخلاقة لفسح المجال أمام مختلف الطاقات بتنوع مشاربها لإبراز قدراتها وكفاءتها بغية الإسهام الفعلي لتحقيق آمال الحاضر وتطلعات المستقبل.

واضاف كريمي ان هذا الموعد السنوي اضحى قبلة يحج اليه المبدعون والمفكرون والشعراء من مختلف المشارب لإثارة والنقاش حول مواضيع وقضايا ثقافية محلية، معربا عن استعداد الفرع لتقديم كل اشكال الدعم للملتقى حتى يحقق الاهداف المسطرة وخاصة الدفع بالفعل الثقافي بالمنطقة الى ابعد الحدود.

من جانبه٬ أكد ممثل جمعية حفظ الذاكرة بقصر بوذنيب رشيد محمدي على الاهمية التي يكتسيه الاهتمام بالذاكرة المحلية والحفاظ عليها باعتبارها تمثل الية لصون التراث وجعله قاطرة للتنمية ، مشيرا الى ان دورة هذه السنة ستحتفي بثلة من المبدعين وتكريم أدباء وشعراء أسدوا للثقافة المحلية والوطنية الكثير من العطاء الأدبي.

كما أن هذا اللقاء الثقافي، يضيف الفاعل الجمعوي، يهدف إلى الارتقاء بالثقافة المحلية والمساهمة في تنمية الحس الجمالي والذوق الرفيع٬ والتشجيع على الإبداع الأدبي ، مبرزا الدور الهام الذي يمكن أن تضطلع به جمعيات المجتمع المدني في تمتين جسور التواصل بينها وبين محيطها٬ وإعادة الاعتبار للفعل الثقافي المحلي لما له من اهمية في إيجاد حلول وأجوبة مناسبة لما يطرح حول الهوية الثقافية والجانب الإبداعي والفكري والفني.

بدورها، اكدت كلمة باسم جمعية الجماعة السلالية بقصر بوذنيب ان هذا الملتقى الادبي لا يحمل بعدا ثقافيا وحسب وانما له من الميزات ما يجعله ايقونة وسط المشهد الثقافي بالمنطقة على اعتبار اختيار منظميه تكريم الفكر والمعرفة .

واعتبرت ان مثل هذه اللقاءات ستساهم بكل تأكيد في تحقيق قفزة ثقافية نوعية تتيح فرصة اكتشاف بوذنيب ورجالاتها وطاقاتها الابداعية وما تزخر به من امكانات يتعين تثمينها، داعية في هذا السياق الى الاسهام في رد الاعتبار وتاهيل التراث المحلي والالتفات وطرح انشغالات الساكنة المحلية من وجهة نظر ادبية وفكرية.

وتميزت الجلسة الصباحية من هذا الملتقى٬ الذي عرف تقديم إصدارات ودواوين شعرية لشعراء مشاركين٬ تكريم الشاعر حسن الامراني احد الوجوه البارزة على الساحة الثقافية وطنيا ودوليا احتفاء بمساره الشعري وتجربته المتميزة في الحياة والكتابة مع تقديم قراءات حول أعماله الشعرية والنقدية  وعدد من الشهادات في حق هذا الرمز من رموز الساحة الثقافية المغربية على صعيد منطقة الجنوب الشرقي.

وأجمعت كلمات في حق المحتفى بهما أن هذا التكريم هو وقفة عرفان وتقدير لاحد المبدعين المتميزين على الساحة الثقافية الذين اثروا بأعمالهم في المشهد الثقافي والفكري الوطني وتخللت الجلسة الصباحية من هذا الملتقى قراءات على إيقاعات نابعة من القراءات الشعرية لعدد من الشعراء على وجدان عشاق الكلمة الموسيقية الذين أنشدوا قصائدهم بلغات وتنويعات ومرجعيات مختلفة شدت الأسماع.

وبلغ الحفل الشعري، الذي حضره ممثلو السلطات المحلية وفعاليات جمعوية من مختلف المشارب وشعراء ونقاد وجامعيين أوجه بترنيمات وتقاسيم مهدي بوزكري على الة العود التي أبرزت العلاقة الوطيدة بين الشعر الوتر والكلمة المقفاة.

وتتضمن هذه الدورة ، التي ستعرف مشاركة  مثقفين وأكاديميين وشعراء وفنانين من الرباط ومراكش ووجدة ومكناس وفاس والرشيدية ، مجموعة من الفقرات والأنشطة المتنوعة تهم معرض للمنتوجات المحلية والفن التشكيل وندوات ومحاضرات في الثقافة الشعبية والتراث المحلي وأمسيات شعرية ولوحات فنية فلكلورية، ومعرض للكتب وللصور التاريخية ببوذنيب وأمسيات فنية تراثية وندوات ولقاءات .

كما يشمل البرنامج، الذي سيقوم ايضا بتكريم الفنانة التشكيلية شريفة الحمري والمخرج السينمائي عامر الشرقي، قراءات في ابداعات المحتفى بهم ينشطها الفنانة يسرى شهيد(الرباط) والأستاذ مصطفى عبد السميع (الرشيدية) والشاعرة فاطمة حاسي(مراكش) والشاعر محمد جعفر(الرباط) والزجال ابراهيم الزياني(أرفود) والشاعر ادريس الزايدي (مكناس)، الى جانب مجموعة بوذنيب للملحون ومجموعة دراويش الغيوان ومجموعة مولاي الشريف الحمري، علاوة على معرض الإنتاجات العلمية والأدبية للمبدعين المحليين وندوة حول "قصور الواحات: بين الإهمال ومحاولات الإنقاذ".