جديد أنفو - خنيفرة / متابعة
تخليدا لليوم العالمي للكتاب، تحتضن قاعة العروض للمركز الثقافي أبو القاسم الزياني بخنيفرة، في الساعة الخامسة مساء، من يوم السبت 25 أبريل 2015، حفل توقيع كتاب "هامش من وطني" لكاتبه محمد خالص، بمشاركة ثلة من الباحثين، فؤاد أعراب، المصطفى فروقي وعبد الرحيم نجمي، في حين سيقوم بتسيير جلسة الحفل الإعلامي أحمد بيضي.
و"هامش من وطني" عمل إبداعي يتحدث في طياته عن معاناة عمال مناجم عوام وحياة القرية المنجمية تيغزى الواقعة ضواحي مدينة مريرت، ويحتوي الكتاب على 102 صفحة، كانت طبعته الأولى قد صدرت خلال شهر يناير 2014، وصمم غلافه الفنان "عبد الصمد التهادي"، بينما وضع له الدكتور عبد الرحيم العطري مقدمة عنونها ب "الانحياز للهامش"، هذا نصها:
"الانحياز للهامش والانتصار لتشظيات المعنى، ذلكم ما تثيره فينا هذه النصوص العصية على التجنيس، وهي تثير انتباه و انهجاس الخافق والعقل، إنها نصوص تفكر في حيوات المنسي و المُبعد و اللا مفكر فيه…. تعيد تقليب تربة المواجع بحثا عن المعنى أو اللا معنى، هذه نصوص تهدينا قلق السؤال، تدفع عنا البداهة وتسرق منا الارتياح المبالغ فيه، كما معول نيتشه تحطم اليقيني والجاهز و تقود إلى اكتشاف وجه/وجوه الهامشي في وطن بحجم غرفة انتظار.
اللا تجنيس، لربما هو اختيار، لربما هو احتجاج على "لا مكان" الهامش و"لا انتمائه"، مسألة اعتراف وإقصاء، يتخذها الكاتب/الباحث جوابا على الوضعية المراتبية للهامش في سوق التبادلات الرمزية، فكيف نطلب منه تجنيس القول؟.
في هذا العمل الذي أبدعه الصديق محمد خالص، نقرأ أكثر من نَفَس، نقرأ الألق الشعري، الشموخ الفلسفي، والنقد السوسيولوجي، نقرأ "المدارات الحزينة" بطعم ستراوس، ونفرح بـ "العلم المرح" بتوقيع نيتشه، و نكتشف "بؤس العالم" ببصمة بورديو، نرتحل عبر قارات معرفية، نعي جيدا أن المكان مغربي معتق، لكن المدارات هامشية و كونية، تحيل على المشترك في الهنا والهناك.
السي محمد خالص في هذا الكتاب لا يقدم إجابات جاهزة، لا يدعي القبض على المعنى، ولا يروم ذلك، يكتفي بالدعوة إلى التأمل والهدم والبناء، يدعو بإلحاح إلى الاعتصام بحبل محبة الحكمة، ودونما تفريط في الشعر والسوسيولوجيا والأنثروبولوجيا.
يوما ما صاح باكونين قائلا وناحتا تمثله للوطن: "وطني و إن لم يعشقني، وأنا الذميم الجلف، كعشق فتاة لفارسها الوسيم، لم يعد وطني، إنه سجن بلا قضبان"، إنه يقترح علينا في مفهوما عميقا للوطن، يتأسس على العطاء لا الأخذ، وعلى الاعتراف لا المحو والإقصاء، إنه وطن عاشق لمواطنيه، يستحيل مجرد سجن بلا قضبان في حال انتفاء العطاء، و حضور منطق الدولة التحكمية التي لا تُرَسِّم القطائع و تعيد إنتاج خطاطة "مؤسسات عصرية في ظل ممارسات تقليدية".
ألم يشرب ذلك المسرحي المشرقي نخب الوطن قائلا بكل انتشاء وانتماء "كأسك يا وطن"، لكن أيها الرائي قريبا ما الوطن وما المواطنة؟ الوطن يا أصحاب السعادة والمعالي أكبر من حفنة تراب، أعظم من جواز سفر وبطاقة انتخاب، أجمل من حقل الزيتون ونسيم الصباح، الوطن لا تحده الجغرافيا ولا يكتبه التاريخ…الوطن انتماء وامتداد، شعور ملتهب في الأعماق لا يحتاج إلى دليل، حارق وفضيل يستيقظ فينا عندما نفرح ونحزن معا، يأخذنا نحو التماهي و قتل الأنا في سبيل نحن جماعية أكثر بهاء ونقاء، هو ذا الوطن مساحات لا متناهية من الحب ترتوي بدماء الشهداء ويحرسها شموخ الفضلاء .
هنيئا لنا بمحمد خالص باحثا عن المعنى في زمن اللامعنى، هنيئا لنا به منحازا للهامش، وهو في أبهى صيغ الالتزام والانهمام بالوطن وهامشه ومهمشيه، و أهلا به في قارات الحرف والسؤال، خصوصا وأنه يعدنا باستئناف السؤال وتنويع مساحات ومدارات الاشتغال، فالكتاب لا يحمل أمارة الوصية الأخيرة، ولا ينتصر لإستراتيجية العشاء الأخير، إنه أول الخطو في طريق نتمناها ثرية وملأى بالإنتاجات الفكرية العميقة مبنى ومعنى، و شكرا له مرات أخرى لأنه يصر على إسماع صوت الهامش ضدا على التهميش والإخراس".
