" تاقرفيت " معلمة من معالم التراث الشفوي الشعبي بمنطقة افركلى وغريس بالجنوب الشرقي المغربي .    

 

إن مفهوم “تاقرفيت” في الأمازيغية له عدة معان تعود في جوهرها إلى مفهوم الكلام والمحادثة من أجل الاستئناس ، وهي في منظور آخر تعني التحدث من دون فائدة ، والغرض منها الخروج من فراغ الصمت والتحرر بالكلام ، كما تعني الضحك أو الاستهتار الخفيف وإطلاق اللسان بحرية في حدود المتخيل، مع عدم تجاوز الحدود المتعارف عليها في الثقافة الشعبية مع أنها لا تخلو من الإبداع الأدبي كالغزل العفيف  .

 

وفي أعراس قبائل أيت مرغاد وإقبليين يكون الشباب في استعراضات للحديث أمام الملأ بكل طلاقة ، فيكون الشاب والشابة واقفين، أو يمشيان على بعد أمتار من الجمع الاحتفالي ، وحديثهما غالبا ما ينصب على التفكير في الزواج ، أو التخطيط لموعد الخطبة وتحديد معالم التصور المستقبلي لكل منهما ..ولا يجوز الاختفاء عن الأنظار قطعا لإبعاد الشبهة. و تفرح الأمهات لأن بناتهن قد كن في حديث مع شباب مقبلين على الزواج والاندماج في المحيط الاجتماعي، فيتكلفن بترشيدهن للمزيد من الاستفسار حول مسائل معينة قد تفيد في معرفة كنه الآخر والتقرب منه .

 

هذا وليس بالضرورة واجبا لقيام مفهوم “تاقرفيت” حضور جنسين فقط ، فقد يتفاوت العدد من شابين مع بنت، إلى شابتين وشابان أو ثلاثة ، أو حتى أربعة في بعض الأحيان، وغالبا ما يجري كل هذا أمام الحضور والناس ينتظرون قيام الاحتفال بالعرس، أو قيام “أحيدوس” الذي هو رسم العرس الخارجي بأهازيجه المختلفة والمتنوعة، كما يمكن “تاقرفيت” أن يجري دون مصادفة الأعراس، فقد تجري أيام الأعياد والمناسبات، كما يمكن أن تنتقل الى جنبات المروج أو على ضفاف الأنهار أو في ضواحي المنازل، حيث إن الأهم هو حدوثها على مرآى كافة الناس دون انزواء أو اختلاء…

 

 

هكذا يكون مفهوم “تاقرفيت” رسما أخر لمعلمة من معالم التراث الشفوي الشعبي عند القبائل الأمازيغية بمناطق الجنوب الشرقي المغربي ، خاصة وأنه يحمل عدة دلالات، تربوية وتهديبية واجتماعية، إذ الغرض منه أساسا هو استقبال الآخر، والسعي لإحداث تكافل بنيوي علائقي مع القبائل المجاورة وذلك بالمصاهرة وإبداء التعامل بحسن الجوار، وتختلف منهجياته من مكان إلى آخر .