زايد جرو – تنغير / جديد انفو
كل الذين شبوا بالبوادي وبالقرى الطينية الجبلية لهم حكايات مضمرة مع موسم الحصاد بالمنجل والدرس بالبهائم، وتكون اللحظة قاسية وأنت بالكاد قد انتهيت من الحصاد الدراسي، وبالباب حمارك أو بغلك ينتظرك للركوب قصد جلب المحصول الزراعي لتجميعه وانتظار الدرس .
تستيقظ مع مجيء الضوء، وميعادك مع المتعاونين بالتناوب معكم بالبيدر محدد سلفا، وزادك وحملك تمر وماء ب " تلبيدوت المخنشة" قبل موعد وجبة الغذاء البسيطة زوالا، بعد ان تكون بالليل قد طرقت ديار القرية جميعها تطلب من أهلها الحمار غدا للدرس ...وتسير مع الحمير الأصدقاء جنبا للجنب قبل أشعة الشمس الحارقة، ولولا الحياء لقلت لها" أعشقك أيتها الحمير لأنك من أحبائي وقد اخترتك أصدقاء لي هذا اليوم " لأنك ستقدمين لي خدمة جليلة بالمجان طول النهار بالدوران، وقد تغضب أحدها فيركلك ركلا مبرحا ،ولا يجب أن تخرج من الدائرة حتى تتجنب ضربة الوالد أو الأخ الأكبر... وعليك بإزعاج الحمير بالصياح طول اليوم وضربها من حين لآخر حتى تتلوى أعمدتها الفقرية ،وحتى لا تأكل كثيرا ولا تتوقف عن الدوران ، ولا يهم تبولها على الزرع أو فضلاتها المتلاصقة أو المائية بعد إصابتها بالإسهال الحاد، فالكل نعمة وهبة من الله، وأنت في المشهد حافي القدمين عاري الرأس، والضحك ممنوع، لأن الساعة ساعة الجد، والبكاء محرم لأن تربيتنا علمتنا أن الرجال لا يبكون ، وقد يدغدغك التبن الموجود بينك وبين ملابسك وتمسح العرق بساعدك لكن لا يهم .
الذي عاش الحدث يعود للبيت مساء بلون جديد في العينين بالغبار والحر، ويردد على الدوام نحن في العذاب أولاد الأرض ويسري الحلم في عروقنا مثلما يسري النسيم على الندى وتبقى أسرار البيادر أكبر.