حميد باجو - جديد انفو / متابعة
ضربة موجعة تلقاها إدريس لشكر، إذا ما تأكد خبر استقالة اثنين من أعيان الانتخابات الكبار، الذين كانا يعول عليهما من الحزب، ورحيلهما نحو حزب الأحرار : حسن الدرهم في الصحراء واشباعتو في الأطلس المتوسط، ومعهما كل "شعبيهما".. في المنطقتين .
والمثير في هذه القضية، أن الاستقالتين، وخاصة لاشباعتو، تعتبر " تقوليبة كبيرة" ربما لم يتعرض لها لشكر طوال حياته.
نتذكر ذلك الإخراج الجيد الذي اتقنه هذا الأخير، أن أوهم لشكر انه يترأس مؤتمرات إقليمية حاشدة في الحاجب وأزيلال وميدلت ... بل وأن ينفخ فيه كثيرا، حين يهديه ويلبسه السلهام الامازيغي على مرأى ومسمع الجميع، وذلك حتى يطمئنه ويجعله يعود إلى الرباط وهو على يقين، أن الأطلس أصبح كله في جيبه...
وفي ذلك الوقت، كان اشباعتو، نتخيله حتى وهو يلبسه السلهام، يضحك عليه في قرارة نفسه، وبالموازاة يهيئ ضربته "كمعلم"، أن يتركه حتى عشية الانتخابات، ليعلن قراره، بعد أن يكون قد نسق فيه بدون شك منذ البداية، مع مزوار... وأن لا يترك للشكر ولو شخصا واحدا ليرشحه في كل تلك المنطقة ،،،،؟؟؟
فماذا سيفعل.. هل سيعيد عقد مؤتمرات إقليمية أخرى جديدة في تلك الأقاليم في هذا الظرف الوجيز ....؟؟؟؟
منذ مدة، كتبنا أن لشكر، وإن كان يتوفر على "ذكاء تكتيكي"، فهو ينقصه الذكاء الاستراتيجي.. أي تلك القدرة على قراءة المؤشرات على المدى الزمني البعيد ... أو ذلك النوع من الحس التاريخي العميق الذي يصنع عادة الزعماء السياسيين الكبار..
ذلك ما تجلى واضحا هنا حين اخفق في "شم" أو تحسس ما يخطط له اشباعتو من البداية...
أو انه التقى مع من هو أذكى منه في هذا التكتيك .....
بل ننتظر أيضا خبطة أخرى ثقيلة ستنزل عليه في الشهور القادمة، وهذه المرة من حليفه إلياس العماري... هذا الأخير الذي هو الآن بصدد تهيئ طبخة سياسية جديدة وعلى نار هادئة، ستفضي غالبا إلى عقد تحالف مع العدالة والتنمية في الحكومة القادمة .. وبالتالي التخلي عن لشكر، الذي سيجد نفسه على الهامش تماما، ولن يشيط له غير شباط ربما... ذلك أن لم يعق هذا الأخير باللعبة ويقلب عليه حتى هو !!!!
ذلك مع العلم أننا لا نعتبر أن ما يحدث هنا من إعادة خلط للأوراق في أفق الانتخابات القادمة، هو من تدبير جهة خارجية أو مخطط متحكم فيه من طرف جهة ما .. أكثر ما نعتقده كنتيجة طبيعية لمسار الحياة السياسية في بلادنا خلال السنوات الأخيرة....
فكل من يقرا هذه الحياة السياسية، سيلاحظ أنه لا زالت للعدالة والتنمية كل الحظوظ لأن يحتل المرتبة الأولى في الانتخابات القادمة.
وأن المستفيد الثاني بعد العدالة والتنمية، سيكون هو حزب الأحرار ومعه التقدم والاشتراكية...
ولأن الأصالة والمعاصرة، قد وعى أن بقائه في المعارضة لن يفيده على المدى البعيد، بالنظر إلى قاعدته الانتخابية الأصلية، وأنه إن بقي في هذا الموقع لفترة أطول، قد يأتي الأحرار ليقضم له من هذه القاعدة ويتوسع على حسابه... لذلك هو سيفعل كل ما في إمكانه للدخول للحكومة، حتى يستطيع مكافأة أعيانه الذين انتظروا كثيرا...
في مقابل ذلك، إن "أعيان الاتحاد الاشتراكي"، والذين كانوا قد قدموا إليه في أغلبيتهم، حين كان الحزب في الحكومة، ولهدف محدد، هو الاستفادة من ذلك الموقع ... هم يشاهدون اليوم حظوظ هذا الحزب في العودة إلى الحكومة، تبتعد يوما عن يوما... وبالتالي كان لا بد أن يتساءلوا، ما جدوى بقاءهم فيه ... ؟؟؟
وإذا كان الأصالة المعاصرة لا يستطيع استضافتهم ... باعتبار علاقته مع الاتحاد الاشتراكي... فإن الأحرار بالعكس، لا يمكن إلا أن يفتح لهم ذارعيه، فهو أيضا في أشد الحاجة إليهم لتدعيم موقعه لا في وجه العدالة والتنمية ولا في الأصالة والمعاصرة ...
