زايد جرو/ جديد انفو
إقليم الراشيدية في كل خريف يعيش تحت سحاب من الذباب الأسود الثقيل، لا ينام لا بالليل و لا بالنهار ، يهاجم البيوت والشوارع والمقاهي والمؤسسات العمومية وغير العمومية، وكل فرد يتبعه سرب منه يطوف حوله من كل الجوانب ، يحرج الرجال وبحركاته يتضاعف حرج النساء في الصبح والعشي... ويا للعجب فبمجرد خروجك من البيت باكرا يستقبلك بالطنين فتكاثر نسله وفرّخ كثيرا، ولا يعرف لتحديد النسل مسلكا، تطارده من اليمين ويأتيك من اليسار، وحين تلح بالضرب والنش يستقر على الظهر، فتحس بثقله، وكأنه في اجتماع لإعداد خطط حربية جديدة للهجوم ،ترى الرجل في اللقاءات ركينا وقورا، يضبط من نفسه، ويملك من حركته، ويسقط الذباب على أنفه ويطيل المكث ،وينفذ خرطومه بالعض، فيوجع ويحرق ويفقد الرجل صوابه ، فيدب عن وجهه بطرف اليد ،لكنه أشد إلحاحا من الخنفساء، وأزهى من الغراب ،كمال قال أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ في كتابه الحيوان.
الراشيدية في كل صيف تعاني من الزواحف ومن " الناموس" لتُختم العقوبة بذباب الخريف الذي يبحث عن حلاوة التمر واللبن المنعش ، فذباب الراشيدية مقيت هذه الأيام ولا ندري هل لوزارة الصحة والمهتمين بالبيئة دواء أو تفسير لظاهرة الذباب أم سيمر هجومه كما مر هجوم الخنافس السود ذات الرائحة النتنة .
لك الله يا قصر السوق، الحر في الصيف والبرد في الشتاء والتهميش والإقصاء على مر العصور، ذاك حظك من المغرب الديمقراطي، ومتى سيقتل الذباب الذباب سؤال اسلزامي لا يمكن استحضار جوابه إلا بعمق التأويل، وخير الختام " راه كلانا الدبان الله اعطِيهْ لَعْمى وِ اعْطِي لَنّاموسْ لْكَرضْ"