زايد جرو/ جديد انفو

كل يوم تصادف بمدينة الرشيدية رجالا ونساء وأطفالا قادمين من ألنيف أو من تنغير والنواحي ،مصحوبين بذويهم  حاملين معهم معاناة الصحة و"فقسة" التعايش الطويل مع تردي الخدمات الصحية  بالإقليم ، يحطون الرحال بالولاية الجديدة بحثا عن طبيب يزرع الرحمة في أجساد  تتألم من الوجع ،وكأن الولاية سالمة أهاليها من الوباء ولاينقصها غير استقبال الضيوف من المرضى،وكأن بها أيضا مستشفيات عالمية طارت شهرتها في  التداوي وعلاج  جميع الأمراض المستعصية ...تُسلم على القادمين الذين حجوا بكرة أو أصيلا أو ليلا وتكلمهم ، وفي عيونهم غصة  وانكسار  وسخط وفي قلوبهم انقباض على الوضع المريض والعليل الذي عانوا منه منذ سنين، تسألهم باللغة المتداولة " علاش ما مشيتوش ل سبيطار ديال تنغير " يجيبونك " سبيطار ديال تنغير خصو حتى هو سبيطار مولاي علي الشريف ولا سيدي حساين" والطبيب المعالج  فيه له دواء عجيب ووصفة سحرية سهلة جاهزة لمعظم المرضى وهي في المتناول خاصة بالليل حيث لا تكلفه عناء كبيرا ولا جهدا زائدا ،وهي ورقة الإرسال التي تكون مصحوبة بسؤال " واش تمشي للرشيدية أو ورزازات" ليزيد مرض المريض وتتضاعف مصاريفه ابتداء من آداء واجب سيارة  الإسعاف.

تظاهر الرجال والنساء والأطفال  والنقابيون والحقوقيون والجمعويون من أجل الصحة بتنغير وشهد بذلك شاهد من أهلها، وتكونت لجنة لمتابعة الملف، وحل معالي الوزير الوردي يحمل معه الورد ونبأ الفتح العظيم بحلول الانتخابات، خطب خطبته بحضور الشهود والمحامين وبعض المرضى وتحدث لغة أمازيغية ليشارك بها  في  الجلسة ،ويعبر بها عن  الهوية والتاريخ والمصير والوضع المشترك فصفقوا له  وعانقوه بحرارة وقبّلوه مرتين  تسليما على الطريقة الوجدية ورحل راضيا مرضيا... طرح البرلمانيون والمستشارون  الأسئلة الشفوية والكتابية على مسمع ومجمع أهل القبة ،وبح صوت المسؤولين غيرة على الإقليم ، وزاروا مكان المستشفى الإقليمي الجديد علها تنفع الزيارة لتسريع العمل وتقريب الخدمات، ونشر الفيسبوكيون طلبات العروض وكتب الإعلاميون في الحدث ،وصوروا حالات المرض ونقلوا المَشاهد بالبسيط  والمعقد ،فأدخلت تحسينات وخدمات وأشعة جديدة على المستشفى، لكن الحال يبقى هو الحال ،لأن القضية الصحية تجاوزت حدود وإمكانية الإقليم  المادية والبشرية، ولا بد للوزارة أن تتدخل بجد ،لا بالخرجات الإعلامية التي تلمع الواجهة لتنقل وعود العرقوب ، بل بالإنجاز  والمصاحبة والتتبع لوضع حد لورقة الإرسال  السحرية من تنغير للرشيدية او ورزازات التي لا تقبل مرضى الإقليم في بعض الأحيان، فلو امتنع كل المرضى من تسلم هذه الورقة بالمستشفى لتحول المكان بالأكيد إلى مقبرة جماعية أكبر حجما من مقبرة إغريبن، وستتعقد الأمور أكثر  وستتسع دائرة السؤال والمسؤولية.