زايد جرو/جديد انفو
الوحدة بعد فقدان الوالدين في سن مبكر تتحول إلى عبث لا منتهي، وصرخة تجوب الدنيا، وتملأ أذهان كل الأطفال، فالصورة التي تداولها الفسابكة أشعلت حرقة المتتبعين للطفل الشقي ،الذي فقد الأبوين دفعة واحدة ،وكان الوحيد في البدء وأمسى الوحيد في الختم، ولم يجد مكانا آمنا للنوم إلا بين حضن الرمسين ،ناما الوالدان بسلام ،ونام الطفل أيضا بسلام بين دفء الأموات فتعانقت ببراءته الموت والحياة ، وهي صورة تبعث على القرف و المعاناة والمآسي في هذه الحياة التي يعيش فيها الإنسان أيامه ولياليه وساعاته بالصورة الاعتيادية دون أن تنتابه أحيانا حياة وجع الآخرين المليئة بثقل الأعباء وجمرة الألم.
رؤية الطفل للحياة بعد فقد الوالدين رؤية عبثية غير اعتيادية وهي فوق الرؤية المباشرة المجسدة واقعياً، فتجاوز بها الواقع إلى ما بعده في جذور اللاوعي البشري العميق، الطفل يحاول عبثا أن يعيد التوازن للحياة بواقع متخيّل، واقع يكون بديلاً للواقع الحقيقي الذي يشير إلى الوجه المظلم في الحياة بعد الفقد ، بقمع كل الطموحات الحاضرة المعيشة للحصول على فرصة العيش بين أجنحة الموت بسلام، عيش سليم بعيداً عن الحقد والكراهية نشدانا لحياة مثالية.
العوض على الله يا بني، فنم يا حبيبي بين حضن الأموات عسى أن يبعث الله لك الرحمة بين الأحياء من حيث لا تدري فالمرء لا يشعر بقيمة الأبوة والأمومة إلا بعد الفقد ،وقد عبر عنها المثل المغربي منذ الأزمان بالقول اللي" مات ليه باه أوسد الركبة ،واللي مات ليه مو أوسد العتبة "لكن الطفل تجاوز العتبة للعتبة ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.