جديد انفو - مدغرة / متابعة
احتفاء باليوم العالمي للفلسفة وجري على عادتها الثقافية السنوية، نظمت الثانوية التأهيلية ابن حزم أمسية ثقافية في موضوع "الفلسفة و السلام" يوم السبت 19 دجنبر على الساعة الثانية و النصف بعد الزوال تحت شعار" تلامذة ابن حزم.. نحو صياغة مشروع سلام عالمي "
و إذا كان للفلسفة يوم واحد تحتفي فيه بالتفلسف كمشترك إنساني، فإن للعنف حضور يومي في واقعنا المعاصر والذي بات يهدد المشترك الإنساني و يلغي الاختلاف ويمهد لانحدار الحضارة الإنسانية إلى هاوية الانمحاء إذا ما تحول العنف إلى حرب كونية نووية.
وأمام هذا الواقع اليومي المقلق كان لزاما على المؤسسة أن تدفع تلامذتها للانخراط الواعي والتفكير الجاد في صياغة مشروع سلام عالمي إيمان منها أن السلام لا يمكن أن يصنعه الكبار وحدهم بل يمكن للشباب الواعي أن ينطلق من فطرته الإنسانية السليمة للمساهمة في بلورة مشروع سلام كوني. إن ما يمنع الكبار من صناعة السلام هو تأثرهم بالعوائق الإديولوجية و الإثنية و الاقتصادية وهي عوائق يتحرر منها جزئيا الشباب.
تدخل في بداية الحفل الفلسفي الأستاذ خليفة العكيدي مدير المؤسسة، موضحا أن الاحتفاء باليوم العالمي للفلسفة أضحى تقليدا فلسفيا تحتفي به المؤسسة كل سنة، موضحا أن اختيار موضوع السلام للتحليل الفلسفي هو اختيار موفق في ظل تنامي ظاهرة الإرهاب و العنف في العالم المعاصر، مشددا على أهمية بناء ثقافة السلام لمواجهة ثقافة العنف، فإذا كان الآخرون يخططون للحروب ينبغي أن نخطط نحن للسلام، إلى أن يتفوق نور السلام على ظلام العنف.
وقدم الأستاذ محمد الفضيلي أستاذ مادة الفلسفة ورقة في موضوع :" الحاجة إلى الفلسفة في زمن العنف" أبرز من خلالها انخراط الفلسفة منذ نشأتها في التفكير في قضية السلام و الذي يعتبر تحققه وسيلة لبناء العمران البشري وتحقيق التماسك الاجتماعي. وأوضح الأستاذ أن الفلسفة كانت و لا تزال تدعو الإنسان ليخرج من بعد الانتماء المحلي الضيق ليلامس البعد الإنساني الكوني وهو الإنسان الذي يسميه هابرماس " الكوسموبوليتي" أي الإنسان الكوني الذي يعتبر كل الأوطان وطنه و الذي لا يشعر أنه أجنبي آو غريب عندما يرحل إلى أي وطن كان.تراهن الفلسفة على الإنسان "الكوسموبوليتي" الذي يؤمن بالحق في الاختلاف ويعتبر نفسه موجودا من اجل خدمة الإنسانية جمعا، و خلق السلام باعتباره أسمى الغايات الإنسانية وابسط الحاجات الضرورية لفعل الحياة.
وأشار الأستاذ إلى انخراط كانط رائد فلسفة الأنوار في صياغة مشروع سلام عالمي وقدم أفكارا ذات قيمة للسلام العالمي غير أن فشل مشروع الحداثة و خروج العقل الغربي عن مساره العقلاني إبان انخراط أوربا في نزعة استعمارية معادية لقيم العقل و الاختلاف الثقافي و فكرة الإنسانية، جعل من المشروع الكانطي مجرد يوتبيا فلسفية حالمة بعالم مثالي لم يحوله الساسة إلى واقع بعد..
ووضح الأستاذ" أننا نميل إلى السلام بالفطرة ومع ذلك وجب نهج سياسة التربية على السلام في مؤسسة الأسرة و مؤسسة المدرسة و المؤسسات المدنية ، لأننا نحتاج إلى تنوير جديد يخدم السلام، تنوير يعلم التلميذ أدوات التعايش مع الغريب او الأجنبي. ورغم أن الإنسان كائن يميل إلى السلام بالفطرة السلام فإنه يشن الحروب المدمرة بدافع الخوف من الغير، ومن هنا تظهر الحاجة إلى تنوير مدرسي و فلسفي يربي في الناشئة فكرة ضرورة السلام فيتحقق السلام في داخل قلوبهم البريئة ومن تم يعملون على نشر السلام، على اعتبار أن من يشنون الحروب هم أشخاص لا يعيشون سلاما داخليا و لا يطيقون رؤية الناس يعيشون حالة السلام".
نحتاج اليوم إلى فلسفة مسؤولة عن عالمها المعاصر، فلسفة تدعو إلى صداقة كونية وتعايش كوني وغيرية كونية بين كل البشر، نحتاج إلى ذوات عاقلة تتفهم الاختلاف وتنشد الكوسموبوليتية بما هي نزعة إنسانية كونية.
وفي الأخير أشار الأستاذ إلى حاجتنا إلى جيش سماه جيش الحب، وهو جيش يتشكل من الفنانين و الفلاسفة و العلماء و الأطفال، و الذين لا يمتلكون رصاصة واحدة كل ما يمتلكونه هو القصائد الشعرية و اللوحات الفنية و الورود العطرة و الأحلام الإنسانية الجميلة ومن خلال هذه الوسائل ينشرون الحب و يفككون العنف ويقوضونه.
وقدم الأستاذ " أحمد أبوبكر" أستاذ مادة التربية الإسلامية ورقة في موضوع : السلام في القرآن الكريم " وابتدأ عرضه بالبحث في دلالات مفهوم السلام في المعاجم" السلام كخير، السلام كاسم جلالة..السلام كرمز للجنة" ثم حمل مطرقة النقد من أجل تفكيك المغالطات السفسطائية التي تربط بين الإسلام و الإرهاب ، وحاول تعرية هذا الخطاب الإعلامي المضلل من خلل النبش في أركيولوجيا القرآن الكريم، موضحا الخلفيات الإديولوجيا لهذا الخطاب و مستشهدا بالآيات القرآنية الكريمة التي تثبت أن الإسلام يدعو إلى السلم كغاية إنسانية مقدسة، وبالآيات الكريمة التي تمنع العنف وتدعو إلى إحداث قطيعة معه، مبينا أن فعل القتل في الإسلام هو فعل بشع لدرجة أن قتل النفس الواحدة بغير سند شرعي هو مكافئ من الناحية الواقعية لقتل كل الناس، داعيا في الأخير الشباب إلى تجسيد فكرة السلام فكرا وممارسة، باعتبارها ممارسة محايثة للفعل الديني الإسلامي.
وقدمت "فرقة مسرح المؤسسة" أوبريت غنائي من تأليف و إخراج "محمد الفضيلي" : بعنوان " شباب العالم باغين السلام" وتظهر شخصيات السماء و الأرض و الرصاص كشخصيات من لحم ودم ، في صورة رافضة لواقع العنف و داعية لأفق السلام..
وبالتزامن مع العروض نظم أستاذا مادة التربية التشكيلة ، محمد العلوي و جمال الزعرواي ، ورشا فنيا من أجل السلام إيمان منهما أن الفن رافعة أساسية لخدمة السلام، ومن خلاله يستطيع التلميذ أن يعبر عن فهمه الشخصي للسلام كما يستطيع آن يعبر عن تلك المخاوف سيكولوجية الدفينة في اللاشعور من العنف و الإرهاب ، وجسدت اللوحات الفنية دعوات بالألوان و الأشكال إلى بناء عالم يسوده السلام ورفعت علامة قف في وجه العنف بمختلف تجلياته.
كما نظم الأستاذ "محمد الفضيلي "ورشا بعنوان : " اصنع السلام لكل الناس" وانطلاقا من وعيهم بالمسؤولية ، تحول التلاميذ إلى دبلوماسيين صغار يتشاورون ويتناقشون بوعي من أجل صياغة مشروع سلام عالمي. وقدم مقرر كل مجموعة خريطة طريق للسلام وفي الأخير تم تقديم مشرع تركيبي هو حصيلة عمل الو رشات الخمس وهذه أهم مقترحات الدبلوماسيين الشباب لتحيق السلام العالمي:
-تجاوز الخلافات السياسية بتذكر مبدأ: كلنا واحد...كلنا إخوة
-توحيد الاقتصاد العالمي على اعتبار أن الصراع الاقتصادي محرك للحروب
-التفاوض أولا: قبل ان تطلق رصاصة لنتواصل أولا..
-منع التسليح وحذر الأسلحة بشكل نهائي سواء أكانت نووية آو كانت عبارة عن بندقيات كلاسيكية.
-تدوير الأسلحة وتحويلها إلى قناطر حديدية و جسور و أبراج ترمز للسلام.
-تسريح جيوش العالم في عطلة أبدية و تعوضهم بجيش الحب المكون من الفنانين و الفلاسفة و العلماء و الأطفال.
-إنشاء أكاديمية للسلام وإجبار السياسيين على التتلمذ فيها، ولا يتخرجون منها للشروع في العمل السياسي إلى بعد حصولهم على شهادة السلام.
-توقيع معاهدة سلام جديدة بشروط جديدة وعادلة بحضور الدبلوماسيين الشباب.
وفي الأخير شكر السيد المدير" الخليفة العكيدي" الحضور ونوه بالمجهود الذي بدله التلاميذ و الأساتذة لإنجاح أمسية السلام ودعا الجميع لأخد صورة سماها صورة السلام.




المصدر: عن لجنة الإعلام والتواصل بالمؤسسة