زايد جرو –  الرشيدية / جديد انفو

الرجل الحامض  هو الثقيل على الأعين في  الرؤية ،وعلى القلوب  في الطبع،  وعلى السمع في  الكلام ، وهو الثقيل على النفس في المعنى كثقل الصخر على الجسد  لجبلة فيه قلما يلحظها أو يدركها  وإن لاحظها فلا يكترث لأثرها ولا لأهميتها  ،ولا يستطيع عيار مقدار   نفسه، ولا قيمة   طبائع وصنائعه ، فيستقبحه الناس  الذين يفطنون بسرعة البديهة  لمكارهه ، وهو أجدر  بأن يُنصح، وينبّه، ويُذْكر علّ الذكر ينفعه ،لا أن يُفضحَ ويُهجر...

الحامض من الرجال والحامضة من النساء له ولها  صفات كثيرة ،منها قلة الحياء والفضول والسؤال عما لا يعنيه ومواجهة الناس بالكلام المؤذي ،والضحك  "المُبهّت " من أجل إرضاء الآخر وتسييد العبد والنذل  لحاجة فيه او لنفع مرتقب .. وقد سئل  أعشى قيس صاحب المطولة الشعرية "ودع هريرة  ان الركب مترحل  " سئل من عمّش عينيك ؟ قال كثرة رؤية الثقيل والثقلاء  بمعنى  الحامض " أو " الباسل" بلغة معاجم العرب ،ونظرا لخطورة الحامضين والثقلاء  خص لهم أبَي بن محمد الزمزمي كتابا سماه : "أخبار الثقلاء والمستثقلين،" ويقع في ثمانين صفحة، عرَّف فيه الثقلاء، وذكر أصنافهم، وعدَّدَ  أخطاءهم ، وذكر طُرفا من طرائفهم .

والحموضة في الكلام  صفة كثرت من زمان  العفة وزادت في زمن التملق والطموح للتفوق والتميز بكثرة " اللغط " ومن صفاتها  كثرة  " تمجميج "  بلغة اهل درعة تافيلالت وهذه اللغة كثيرة ومنتشرة  بين القوم ولا يسلم منها لا المثقف ولا الشعبوي من القوم ،ولا  المسؤولين في سلك الدولة  ولا الفقهاء في علم الفقه ولا المربين في علم التربية ولا الاعلاميين في الإعلام ولا الجمعويين في العمل التنموي ،ولا أمناء الاحزاب في برامجهم ولقاءاتهم ولا الفيسبوكيين على صفحاتهم  ولا النساء في مجامعهن ولا الشباب في لقاءاتهم ..وكلهم "يمجمجون " بدرجات متقاربة او متفاوتة  ويحمضون الكلام  والمجمع بالتفاهات ،وقد يستمعون اليك  في الكلام أذا كنت مجماجا أكثر منهم، وبمجرد فض الجمع  يتنفسون الصعداء لكثرة حموضتك  ... فلا تذل نفسك بمعاشرتهم او التقرب منهم اكثر من اللازم رغم ان حموضتهم احيانا تشم من مكان بعيد ،ويتداولها الخاص والعام ،وقد لقب ابو موسى  سليمان بن محمد البغدادي  من علماء النحو بالحامض لأخلاقه  وجرأته في الكلام ،كما ورد  في وفيات الأعيان لابن خلكان. وأعظم درجة في الحموضة  هو الملقب  ب "الباسل"  كما ورد في كتاب فقه اللغة وسر العربية للثعالبي، اما  الزمزمي فالحامض عرفه  بالثقيل  الشديد  في الحموضة والمرارة القبيحة  كما ورد في اخبار الثقلاء.

فمن المستحسن اللائق على الدوام أن يطرح  الرجل  أو المرأة بغض النظر عن المكانة الاجتماعية او العلمية  ، أن يطرح  على نفسه سؤالا عميقا  يقصد به الغاية الاستلزامية  من أسلوب الاستفهام ، السؤال هو " واش انا  بصح حامض ومجماج "  فقد تكون الصفة  متجدرة  فيك بشكل  اقوى  واعمق لكن يحتشم الناس من وصفك بها وجها لوجه، لكن في غيابك  فأنت "حامض ومجماج وثقيل وباسل " فإن أدراك المرء قدر نفسه  فإن لجام الحكمة  يبعده عن الغي وقد تتعظم المشكلة وتتعقد  أكثر اذا اجتمع على سنة الله ورسوله  حامض ومجماج  وثقيل بامرأة حامضة ومجماجة وثقيلة  فالأكيد انه لن يستقيم لبيت الزوجية عماد  ، ولن يستقيم الصف الدراسي لأبنائهم المَجْماجين وبناتهم المَجْمَجات وستنتقل العدوى لباقي رفاق الدرب كما  ستنتقل العدوى أيضا  للمدرس المسكين اذا لم يكن في الاصل " حامضا ومجماجا "  وتلك مشكلة أخرى..   نجانا  الله  واياكم واياهن من حموضة الكلام وحموضة أهله و"مَجْمجة " الكثير من القوم.