زايد جرو - جديد انفو

التجوال داخل كل المدن المغربية يقودك لمصادفة شخوص غريبة الأطوار من الذكور و الإناث، في لغتها وحركاتها وسكناتها ، تتخذ أماكن مهمشة للسكن  وتنزوي بعيدة عن مخالطة الناس، إلا عند الضرورة القصوى، تعيش على حواف المجتمع، لكنها متحكمة في لجم اللسان، ومتعقلة في سلوكياتها، وفي لقاء مقتضب مع أحد  هذه الشخوص المألوفة  بالرشيدية بوادي زيز والتي اعتادت التجوال بدراجتها العادية المغلفة بالبلاستيك في عز الصيف، حيث كان الرجل  تحت صخرة يرتشف الشاي، ويصارع أطفالا أقلقوا راحته في منتصف  النهار، قادني الحديث معه ، بعد فك النزاع ، إلى دردشة بسيطة، حول اسمه الذي امتنع التصريح  به، وحول إمكانية تصوير فيديو معه، فتحفظ كثيرا، وكل الأسئلة التي دارت بيني وبينه، كانت أجوبتها  ذكية  ومتحفظة في التصريحات.

 السؤال الأول الذي راقه : هو هل أنت من الرشيدية ؟ فضحك ضحكا عميقا، ها ها ها، حتى ظهرت النواجد، فقال أنا من قصر السوق، فقلت، وما الفرق بين الاسمين، قال منذ أن تغير الاسم وقصر السوق  للوراء، وقلت ما السبب؟ ضحك ضحكة قوية أيضا، وقال: ذهب الخير مع أهل الخير، وفي الجواب إشارات قوية مشحونة  بالحنين للماضي الذي سكنه كما يسكن جميع الأجيال القديمة، وفي سؤال ثان حول الأغاني المفضلة لديه، بدأ يغني بكل تلقائية أغاني البلدي بترديد مقطوعات من أغاني  الحمري ودائما بقهقهة عالية، والرجل مسكون بهويته وانتمائه لقصر السوق لا للرشيدية.

مثل هذه الشخوص المهمشة أو التي همشت نفسها تكون على الدوام موضوعا خصبا للمقاربات السوسيولوجية، وقد تكون أسباب العزلة متعددة منها النفسي والاجتماعي والاقتصادي  لكن  الهوية  تبقى محفورة في الذاكرة رغم  كل شيء.