أحمد بيضي
مجموعة من مواطني قبائل كهف النسور، إقليم خنيفرة، يتقدمهم المناضل والمعتقل السياسي السابق، سهيل إدريس، استعرضوا في لقاء لهم بـ «الاتحاد الاشتراكي» تاريخ ملف يتعلق بأراضي جموع، حيث سبق أن تمت مطالبة هذه القبائل، عن طريق وكلاء الأراضي المذكورة، بإعداد لوائح ذوي الحقوق في هذه الأراضي، التي يثار أمرها، بين الفينة والأخرى، ولم يقم المسؤولون بأية خطوة تحسيسية لتوضيح المراد من وراء هذه العملية، علما بأنها ليست المرة الأولى التي تتحرك فيها هذه القضية، بل منذ فجر الاستقلال والأراضي المعنية بالأمر يقام في شأنها اجتماع تلو الآخر، والحال لايزال على ما هو عليه.
ويؤكد السكان أن هذه الأراضي كان لها نظام خاص إبان فترة الاستعمار، نظرا لموقعها على الحدود بين إقليمي خنيفرة وخريبكة، والتي تعرضت لقضم وقطع من كل الجهات وأهمل شأنها بعد الاستقلال، وبعد أن كان البناء ممنوعا بها أصبحت عامرة ومحتلة من طرف أجناس مختلفة من المواطنين، غالبيتهم من قبائل بني بتاو التابعة للنفوذ الترابي لدائرة أبي الجعد، وقد شيدت بها منازل واصطبلات، وحفرت بها آبار، كما أقيمت بها بساتين مغروسة بأنواع الأشجار المثمرة وغير المثمرة، حسب السكان المشار إليهم، وكل ذلك جرى أمام أعين السلطة الوصية التي يبدو أنها لم تهتم بالأمر، والأدهى، يضيف السكان، أن الأراضي التي كانت عبارة عن مراع خصبة للماشية، لما كان الرعي بها منظما بحسب فصول السنة، أضحت صحراء قاحلة، وأن بعض القاطنين باتوا يعتبرون غيرهم ممن يرحل إلى هذه الأراضي غريبا يجب طرده مقابل اعتبار أنفسهم ملاكين.
أمام التفريط الممنهج من طرف السلطة، يضيف السكان المذكورون، أصبحت الأراضي المعنية، والتي كانت تعد بمئات الهكتارات الشاسعة، عبارة عن فدادين صغيرة، وتعدها بعض الوثائق القديمة باثنين وخمسين ألف هكتار لتصير ثمانية آلاف هكتار، واليوم يقولون إنها لا تتجاوز ستة آلاف هكتار، ولعلها تصبح آثارا في يوم من الأيام المقبلة، والغريب في الأمر أن تعقد في شأنها عدة اجتماعات وتصدر عنها تقارير وتوصيات، وربما ليس آخرها اجتماع 6 أبريل 1995 الذي تقرر فيه تقسيم هذه الأراضي بين قبائل بني بتاو وقبائل زيان، وعينت لهذا الغرض لجنة يترأسها المدعو «الأطلسي»، هذه التي باشرت عملها ووضعت علامات التحديد في حضور مسؤولين معنيين من الإقليمين المجاورين.
وعندما كادت اللجنة المذكورة أن تنهي مهمتها فوجئ الجميع بتوقف عملها قبل نهايته، وذلك بقدرة قادر وفي ظروف غامضة لم يعثر لها المراقبون على أدنى جواب شاف حول الأطراف أو الجهات التي كانت وراء هذا التوقيف المفاجئ؟ بينما لم يستبعد البعض أن تكون هذه الأطراف من المعنيين بهذا العمل أنفسهم، والذين استفادوا من العملية، وروَّجوا أن الأمر يتطلب التوقف خشية حدوث فوضى حسب زعمهم، ما جعل السكان يطرحون أكثر من سؤال، أولها لماذا كل هذا التلاعب؟ ولماذا لم يتم توضيح الأمور للساكنة؟ سيما ما يتعلق بالعملية الأخيرة، وما المقصود بها؟ ولماذا لم يشرك الجميع في تحديد ذوي الحقوق رغم أن الوثائق الموجودة بالأرشيف تتضمن هويتهم؟ وماذا بعد تحديد لوائح هؤلاء الأخيرين؟ هي أسئلة طرحها السكان دون مجيب، ما دفع بوكلاء أراضي الجموع المذكورة بقبيلة آيت بوحدو مثلا، ضواحي كهف النسور، إلى التقدم لوزير الداخلية برسالة تظلم عسى أن يتدخل لحل هذه الإشكالية التي عمرت طويلا وتنذر بمستقبل مظلم.
المصدر: جريدة