جديد أنفو - متابعة
من خلال تقرير في الموضوع توصلت "جديد انفو" بنسخة منه، قام أعضاء من المكتب التنفيذي للهيئة الوطنية لحقوق الإنسان بالمغرب بزيارة ميدانية لمعتقل أكدز السري، والذي كان في الأصل، حسب التقرير، قصرا للتهامي الكلاوي عميل الاستعمار قبل أن يتحول الى معتقل سري في عهد الراحل الحسن الثاني، وفيه تم إيداع المئات من ضحايا الاختطاف والاختفاء القسري بين سنتي 1975 و1984.
ووفق مصدر حقوقي، فإن مجموعة 3 مارس في تنغير كانت أول ضحايا هذا المكان الرهيب بعد تحويلهم من تكونيت، وبعد ذلك مجموعات من الأقاليم الجنوبية ممن بلغ عددهم حوالي 400 شخص، من عدة مدن وأجناس وفئات عمرية متنوعة، بينهم عائلات بأكملها، أعمارهم تتراوح بين 12 و90 سنة، ومن المعتقلين أيضا مجموعة بنو هاشم في 1977، وهم خمسة طلبة :محمد الرحوي- محمد النضراني- مولاي إدريس لحريزي- عبد الرحمان قونسي وعبد الناصر بنو هاشم، اعتقلوا في الرباط ونقلوا من المركب البوليسي بأكدال إلى أكدز في الخامس من غشت 1977.
وكانت ظروف الاعتقال بهذا المعتقل رهيبة وسيئة للغاية، وهي كما يروها المعتقلون اتخذت أشكالا متعددة: حيث يجبر المعتقلون على البقاء باستمرار في وضعية ثابتة، إما قعودا أو جلوسا أو انبطاحا على الأرض أو وقوفا معصوب العينين مقيد اليدين، ويمنع التواصل والكلام بين المعتقلين، إضافة إلى سوء التغذية، وتلوث المياه وانتشار الفئران والعقارب في زنازن المعتقلين، ولا يسمح بالذهاب إلى أماكن النظافة إلا ناذرا وحسب مزاج الحراس، أما الاستحمام فلا يتم إلا بعد شهور من الاعتقال، وكان هذا الوضع يتسبب في معاناة نفسية خاصة للنساء في فترة الحيض، وكم من معتقل أصيب بأمراض نفسية وفقدان الذاكرة.
وقد أدى عدم تقديم العلاجات الضرورية، في الوقت المناسب، إلى العشرات من الوفيات داخل المعتقل (حوالي 32 حالة وفاة ) دفنوا في المقبرة المجاورة للمعتقل، وكانت عملية الدفن تتم ليلا وبطريقة سرية دون علم أو إخبار أقارب المتوفين، وحسب شهادات كثيرة ومتطابقة للسكان المجاورون للمعتقل فإنه يتم غلق كل الطرقات والمنافذ المجاورة للمعتقل ويمنع المرور والتجول، مما يثير الخوف والرعب لدى السكان الذين شبه أحدهم الوضع بأن السكان معتقلون خارج المعتقل وذلك لشدة الإجراءات الأمنية حتى في واضحة النهار، وضربت سرية شديدة حول معتقل أكدز، فسكان المنطقة لا يعلمون هوية المحتجزين ويجهلون ما يقع داخل الأسوار العالية.
المعتقلون، حسب تقرير الهيئة الوطنية الحقوقية، لم يكن يدركون في أي مكان في الدنيا يتواجدون، بعدما يدخلون المعتقل في جنح الظلام وداخل شاحنات مغطاة بإحكام، بعد أن قطعت بهم مئات الكيلومترات ولعشرات الساعات، غير أنهم بفطنتهم – كما يروي أحدهم - استطاعوا فك لغز المكان المجهول والسري لاحتجازهم رغم انقطاعهم التام عن العالم الخارجي، وذلك من خلا ل حديث الحراس عن "أكدز" و"ورزازات" و"زاكورة" و عن السوق الأسبوعي يوم الخميس، وغيرها من القرائن التي تدل على أنه "أكدز" الذي لم يسبق لهم أن علموا به من قبل، وفي رواية أخرى أن بعضهم أدركوا المكان من خلال ورقة أحد الممرضين في حملها لاسم المركز الصحي بجماعة أكدز، عمالة ورزازات (في ذلك الوقت)، وهذه الرواية أكد صحتها السيد محمد النضراني، المعتقل السابق ضمن مجموعة بنو هاشم بأكدز.
وظلت عشرات العائلات تجهل مصير ذويهم المتوفين في معتقل أكدز لعشرات السنين، وبعد إدلاء بعض الناجين بشهاداتهم، كما ورد في شهادة السيد شاري الحو من مدينة كلميمة أثناء حديثة في جلسات الاستماع العمومية التي نظمتها هيئة الإنصاف والمصالحة ونقلتها وسائل الإعلام، حيث أفاد بوفاة اثنين من رفاقه خلال فترة اعتقالهم بأكدز، وقد اعتمدت هذه الشهادات ومعطيات مقدمة من طرف السلطة المركزية والوثائق المتوفرة لدى السلطات الإقليمية وشهادات تقدم بها موظفون سابقون عاينوا ظروف الوفاة والدفن لتحديد هوية العشرات من قبور المعتقلين الذين دفنوا في المقبرة المجاورة للمعتقل.
ومن جهتها اعتبرت "لجنة التنسيق لعائلات المختطفين مجهولي المصير وضحايا الاختطاف بالمغرب" أن ما سلف من الإجراءات والمعلومات لا ترقى بنتائج التحريات إلى مستوى الوثوقية، وطالبت القيام بالتحليلات والتحليلات المقارنة للحمض النووي الريبي، كما أفاد ت أن تبليغ المعلومات إلى أسر المختطفين المتوفين ضحايا الاختفاء القسري ومسار الضحايا منذ اختطافهم إلى وفاتهم وظروف هذه الوفاة ومكانها و الأجهزة المسؤولة عنها كان شفهيا وليس بوثيقة مكتوبة، يضيف التقرير.