أثار طلب رئيس مجلس النواب المغربي، كريم غلاب، تمويلاً أجنبياً من الاتحاد الأوروبي بهدف تأهيل وتطوير أنشطة البرلمان في إطار الدستور الجديد، جدلاً ونقاشاً بخصوص مدى تأثير هذا التمويل على استقلالية هذه المؤسسة الدستورية في البلاد.
ووجه رئيس مجلس النواب المغربي طلباً إلى الاتحاد الأوروبي لتلقي دعم مالي إلى مجلس النواب، وآخر إلى برنامج الأمم المتحدة للتنمية، المعروف اختصار بـ PNUD، كما طلب دعما مماثلا من مؤسسة "ويست مينيستر البريطانية"، التي تجمعها اتفاقية مشتركة بمجلس النواب منذ 2013.
تهديد الاستقلالية
وانتقد عبدالعزيز أفتاتي، البرلماني عن حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة، التوجه نحو طلب تمويلات أجنبية لدعم وتطوير مجلس النواب، خشية أن يؤثر هذا التمويل من جهات أجنبية في الاستقلالية المفروض أن تتسم بها مؤسسة مجلس النواب، خاصة في سياق الدستور الجديد الذي رفع من مكانة البرلمان.
وأكد أفتاتي أن "حصول مجلس النواب المغربي على دعم مالي من الاتحاد الأوربي أو غيره من المؤسسات الأجنبية سيؤثر بشكل سلبي على البرلمان كسلطة تشريعية مستقلة تعمل في إطار مراقبة مهام وأدوار السلطة التنفيذية".
وأبدى الحزب الحاكم استغرابه من توقيت هذا القرار قبيل انتهاء فترة رئاسة كريم غلاب لمجلس النواب، وهو المنتمي لحزب الاستقلال المنسحب قبل أسابيع خلت من الحكومة، مبرزاً أن القرار تشوبه "مجموعة من الالتباسات في توقيتها والأهداف من ورائها".
فرق نيابية أخرى لم تجد في التمويل الأجنبي لأنشطة مجلس النواب أية تداعيات سلبية قد تمس باستقلالية البرلمان، باعتبار أن "التمويل سيهم فقط الجوانب اللوجستيكية للعمل النيابي، من أجل تحسين شروط تواصل الأحزاب الممثلة في البرلمان مع المواطنين".
فعل معيب
وتعليقاً على هذا السجال أكد الدكتور عثمان الزياني، أستاذ العلوم السياسية والدستورية، أن "البحث عن تمويل مالي لتفعيل دور المؤسسة البرلمانية، كفكرة، هي مسألة محمودة ومقبولة، لكن التوجه نحو الاتحاد الأوروبي فعل معيب شكلاً ومضموناً".
وأفاد الزياني بأن المشكلة تكمن في حجم التكلفة خصوصاً أن الأمر يتعلق بمؤسسة سيادية يفترض أن تحظى بالاستقلالية المالية في التدبير، وسلطة اتخاذ القرار، لاسيما اتجاه جهات خارجية لها أجندة مصلحية تشتغل بها".
وتابع المحلل بأن "اللجوء إلى تمويل الاتحاد الأوروبي سيرهن المؤسسة البرلمانية، ويمكن أن يدفعها لاتخاذ قرارات في مجال الدبلوماسية البرلمانية المغربية التي تهم القضايا الدولية في صالح الاتحاد الأوروبي، بغض النظر عن مدى تناغمها مع مواقف المغرب".
واستطرد الزياني بأن "هذا التمويل قد يكون مدخلاً لتطويع البرلمان، وممارسة الضغط عليه، وجعله أداة لخدمة المصالح الأوروبية على حساب المصالح الوطنية، خاصة أن هذه التمويلات لا تتم بدون مقابل، ودائماً ما يكون وراءها تحقيق مآرب ومصالح مختلفة".
وخلص الزياني إلى أن "المرتكز الأساسي في العمل البرلماني ضمانُ عنصر الاستقلالية في الأداء، وتمثيل الإرادة الشعبية التي لا يجب أن تنازعها في ذلك أي إرادة أخرى خصوصاً إذا تعلق الأمر بجهات خارجية، رغم المنافع التي يمكن جنيها من هذا التمويل".
المصدر: العربية نت