زايد جرو - الرشيدية / جديد انفو
غريب أمر المسؤولين عن تهيئة مدينة الرشيدية في طرقاتها وقنوات الصرف الصحي بها، تُعقد الاجتماعات وتُحدد الميزانيات وتُصرف، وتقدم التقارير، وتتهالك السيارات والشاحنات بالشطح مرورا فوق الحفر التي تهرب من واحدة لتسقط في واحدة أعمق وأخطر منها، ووسط الأشغال المتباطئة تجد علامة مكتوب عليها أحيانا : "شكرا على تفهمكم " والتي تعني أننا نتفهم أنكم فهمتم أعطابنا في الإصلاح، وأنكم لن تستطيعوا ربحنا في المحاكم قضائيا، لأننا نشتغل برخص من الوكالة والبلدية والجهات المعنية، فإن أردتم مسامحتنا فلكم الأجر كله وإن رغبتم عن ذلك فاشربوا الرمال وانطحوا الجبال القريبة منكم .
من مدخل مدينة الرشيدية من جهة كولميمة بدأ الحفّار ومازال مستمرا في العمل حتى اليوم ومتى سيتوقف الله اعلم، حفروا الطريق المعبد الذي تم الإنفاق عليه بميزانية ضخمة، وسيتم ترقيعه بعد الإصلاح طبعا، وقد يبررون الحفْر والترميم أن المدينة تتوسع ولا بد من مواكبة التوسع بالترقيع، وإن الإعلاميين ما هم إلا "مخربقون" ولا يفهمون في التصاميم، وأن ألسنتهم طويلة، ولكن التبرير الأصح أن الرؤيا الذكية للمشاريع التنموية والتخطيط على المدى البعيد ضعيف، فكل مجلس ينظر لتهيئة المدينة من زاوية زمنية قصيرة ، وذاك ما جعل المشاريع تتعثر، فعوض برمجة مشاريع جديدة فإن الإنفاق يتحول لإصلاح الأعطاب التي يقع فيها ما يقع للفوز بالصفقة.
الحَفْر من جهة الغرب آت يا أهل قصر السوق بمشي حلزوني وسينتهي في يوما ما، ليبدأ الحفر من جديد وكل مقاول يسأل زميله متى ستنتهي إصلاحك لأبدأ الحفر بدوري من جديد، وفعلهم شبيه بالذي زار الطبيب يوما وقال له الجراح : لابد من العملية لإزالة ورم خطير اختار معدتك للاستقرار بها فقال المريض: لا بأس إذا كان الأمر بالخطورة التي وصفت، فتحوا بطنه وأخذوا ما هم في حاجة إليه وأزالوا ما أزالوا ،فعاد المريض بعد ألم ألمّ به فقال الطبيب لابد من معاودة الفتح لكَيّ مكان الورم ،فقال المريض اللهم يسر وبارك ، وعاد للمرة الثالثة فقال الجراح : العملية لا بد منها لترميم العمليتين السابقتين، فاحتج المريض غضبا وقال : "اسي طبيب خيط لي عافاك شي سنسلة أو شي سريفة ف كرشي بحال جاكيط ليسهل عليك الفتح والإغلاق.. "وذاك ما تحتاجه تهيئة مدينة الرشيدية ايضا .
فكل مشروع يتطلب بُعد النظر، والتصميم يجب أن يكون على المدى البعيد على الأقل 70 سنة فما فوق حسب خباراء التصاميم ليستمر الإصلاح أما التهيئة الموسمية فقد أصبحت متجاوزة ويجب إصلاح الأفكار قبل إصلاح المشاريع التي تم الإنفاق عليها من مال الشعب .