زايد جرو - جديد انفو / متابعة
المدارس المغربية عبر تاريخها الطويل منذ الاستقلال حتى بداية التسعينيات غرست القيم الأخلاقية والوطنية العالية التي تربى عليها المواطن المغربي ،وكانت هذه القيم آلية للتحكم في المجتمع ، ولا يختلف في قيمتها الجميع، بالغمز يستقيم المتعلم وبالفهم والإفهام والمصالح المشتركة بين مكونات المجتمع من الأسرة حتى نهاية المشوار الدراسي يتحقق التعلم والتفوق، وكانت القيم المدرسية تؤثر في المجتمع وتوجهه وكان المربي هو القدوة ، بين متعلمين منضبطين و بين متعلمات يكسو محياهن الاحترام باللبس اللائق والوزرة التي تغطي كل شيء ،ولا تفارقهن من البيت إلى البيت و كان الزمن حقا جميلا والعمل ممتعا ومريحا .
مازالت القيم في بعض المدن ومازالت داخل الكثير من المؤسسات حاليا رغم التحولات القيمية ،ولا يمكن التعميم ولا الاستثناء لكن الذي لا نختلف فيه جميعا أن الكل يتحسر على ذلك الزمن الذي كان يحكمه المعيار الأخلاقي التربوي، لأن التحولات الحالية في اللبس والمأكل والعلاقات الأسرية والتربوية تغيرت نحو مسلك لا يرضاه الكل وأصبح العصر يتحكم في التوجهات دون أن تكون لنا القدرة على التحكم فيه ولا التأثير في المتعلم إلا نسبيا.
فصل الصيف دائما يكون زمن التحول الذي يبدأ مع فصل الربيع ،ويصل ذاك التحول ذروته ومداه مع شهر يوليوز حيث يكون الباب مشرعا لاستقبال قيم دخيلة من دول أخرى صديقة أو عدوة، تزامنا مع فصل العطل دون ان نكون قد بنينا طيلة السنة جدارا منيعا لصد هذه القيم الغريبة لأن المدرسين منشغلين أكثر بالتعلم والتعليم لإتمام المقررات تجنبا للمساءلة والمسؤولية عند حلول الامتحانات خاصة الإشهادية.
المجتمع المغربي تغزوه حاليا ألبسة عارية وتقطيعات شعر غريبة وخواتم في كل الأصابع وأطواق في الأذن والبطن والأنف وبجانب العين والأظافر الطويلة ،واختلط منظر الإناث بمنظرالذكور من الخلف ومن الأمام ، ويصعب التمييز أحيانا بين الجنسين إلا بالافتحاص ،ودخلت قيم جديد ولغة جديدة في التواصل والغناء ،وتحكمت هذه القيم في المجتمع المغربي لأن المدرسة انسحبت من وظيفتها التربوية واكتفت بالوظيفة التعليمية والتعلمية ،تحت ثقل مذكرات قزمت مهمة المدرس وحصرت وظيفته في التعلم وعدم الخلط بين الوظائف المسندة إليه.
اللباس في الشارع اليوم ترتديه فتيات صنعته معامل مغربية او خارجية وسوقته بثمن غال في المغرب والإقبال عليه يتزايد صيفا ،والأكيد أنه سيصل المدارس والجامعات بداية الموسم الدراسي المقبل، وستكثر الضجة حول هذا اللبس الذي يبدو للجيل القديم غير محتشم، وستكون ردود الأفعال قوية من الذكور والمدرسين والإدارة التربوية ويصعب أن تنبه إحداهن لأنها خرجت به من عقر الدار والأسرة هي من اشترته، وإذا كان الأب راضيا والأم راضية فقد يكون المدرس متطفلا في النهي والتوجيه ،وأول رد سيفتق سمعه " ادخل سوق راسك أوستاذ راه الواليد اللي شراه ليا" ولا يمكن أن تتحدث عن تربية الأب أو الأم لأنك في نهاية المطاف ستشبع ضربا خارج المؤسسة ولا أحد سيحميك من السب والشتم أواللكم وستصبح قردا بين دائرة من المتعلمين القردة وبين كلام فيه إذلال تصاحبك غصته وهزاله بدموع منسكبة وجروح وندوب غائرة طيلة سنوات العمل وسيمتد آثارها المعنوي لسنوات لاحقة لأنك أردت أن تتفوق على فقيه خطبة يوم الجمعة في النهي والإرشاد وليس ذلك من مهامك حاليا.
اللباس الآن في الشوارع كما قلت بنوافذ واسعة ومتعددة تظهر اللحم والشحم وربما المنظر يدخل في الحريات الشخصية ولا الحق لأحد في النهي، لكن هل للمدرس الحق في منع متعلمة ترتدي ذلك اللباس وسط مؤسسة تعليمية ؟ وإذا تم منعها وقدر الله ووقعت حادثة لها خارج الأسوار، فمن يتحمل المسؤولية أمام شهود الزملاء بأنها حضرت للصف الدراسي؟ وهل القانون الداخلي للمؤسسات التعليمية له القوة القانونية أمام المحاكم إذا رفعت متعلمة دعوة بالمؤسسة لأنها منعتها من لباس اخترته لنفسها ؟ وتدخلت في حريتها وحياتها الشخصية ، وإذا كانت المؤسسة لها الرغبة الكبيرة في محاربة هذا النوع من القيم ،فلِما لا تصاحب جمعيات المجتمع المدني الشباب في التنبيه ،ولِما لا تراقب الحكومة والجهات المسؤولة عن القيم الأخلاقية والدينية بالمغرب المعامل التي تصنع هذه اللباس والدكاكين التي تبيعها وتتزايد أرباحها على حساب القيم الاجتماعية ولِما لا ترفع الحكومة شعار زيرو "سراول مهبوكة" بلغة اهالي تافيلالت كما رفعته في زيرو ميكا وزيرو تشرميل ،وزير زيرو ...
الآباء مسؤولون على مراقبة بناتهم بالدرجة الأولة وعليهم أن يكونوا حذرين وجديين في محاربة هذا الشكل المسيء للقيم وغير المحتشم وعلى هؤلاء الآباء أن يتصورا ابنتهم وهي بجانب لوح التعلم ،تنجز بعض التمارين أمام المتعلمين ،فالأكيد أن فصل التعلم سيتحول من بيت الحكمة إلى بيت ال..... واستحيي من إتمام الاسم ولو أن هذه اللباس لا تترك مجالا لا للحشمة ولا للوقار لا من كبير السن ولا من صغيره وخير مانختم به اللهم خفف ما نزل.