زايد جرو + سعيد وعشى - جديد انفو / متابعة
 
السنون تتكرر والزمن يزاحم المهاجرين على مر الفصول بنفس العبق في انتظار موسم العودة لإخماد وهج الاغتراب بملاقاة القريب والبعيد وربط الأواصر بين أجيال شبت هناك بأرض الغير وبين عروق نبتت هنا بين دفء الأهل.
 
بحرقة مريرة يحكي المهاجر الذي صادفته قناة جديد انفو وهو بعمق المغرب العميق بسيارته يمخر حرارة القيلولة بين جبال محمرة ،وبأرض نبتت بها بعض الأشواك الصحراوية التي تدمي كل صباح أفواه ماشية الرعاة ...حيث يحكي الرجل بغصة معاناته المريرة مع الأبناء الذين امتنعوا هذه السنة عن مصاحبته للبلدة لصلة الرحم، بحجة أنهم يعانون كل عام من متاعب البنيات التحتية في المسكن، فلا ماء من أجل الاستحمام ولا ملاهي ترفيهية وحتى وسائل التواصل تكاد تنعدم، ففضلوا بلاد الغربة على بلاد الهوية.
كل سنة في شهر غشت تُعقد الاجتماعات بعمالة تنغير والرشيدية وزاكورة وورزازات وميدلت احتفاء باليوم الوطني للمهاجر .. يستمع المسؤولون للمهاجرين ...ترفع التقارير للجهات المسؤولة ... وينتهي الاجتماع الذي كان ربما من أجل الاجتماع وتطوى الأوراق دون أن يلمس ذاك المهاجر حقا أن شيئا ما قد تغير... لتُعقد الاجتماعات من جديد في السنة المقبلة.
 
التوجهات الرسمية تلح على الاعتناء بالمهاجرين، وأبناء المهاجرين... وبالمغرب العميق لاشيء يتغير أو يتبدل، مما يزيد هوة الانفصال عن البلاد، ولا يمكن أن تُربط جسور التواصل بين أجيال الهنا والهناك إلا بخطة عملية ممنهجة تبدأ من الآن وتصاحبهم بديار المهجر لبرمجة أنشطة مناسبة لأبنائهم وبتوفير الجو الصيفي اللائق لهم حتى يحنوا للعودة.
 
المهاجرون بالمغرب العميق بنوا بأرض الأجداد تفكيرا في الاستقرار مستفبلا.. وأنقذوا العديد من العائلات من البطالة بنقلهم معهم، واشتروا بحُر مالهم أراضي للاستثمار لتبقى الصلة وطيدة وقوية بينهم وبين ذويهم، ولا بد من التفكير بالجد والفعل والمتابعة والمصاحبة والمسؤولية في أمرهم وأمور أبنائهم، قبل أن يبيعوا ما بنوه ولو بثمن بخس " ويعلقوا بحالهم ف مرة " وقبل أن يخسر البلد أجيالا بكاملها في المستقبل.