زايد جرو – جديد انفو / متابعة
السفر عبر حافلات النقل العمومي المغربية لقضاء عطلة الصيف في بعض الأماكن البعيدة عن الرشيدية يجعلك تكتشف عوالم طبقات شعبية وعاداتها في السفر، منهم من يشتري البيض وكأنه لم يذقه لأعوام أو كأن دجاجات مدينته عاقر ،ومنهم من يشتري سندويتش جاهز منذ يومين او أكثر، ومنهم من يأكل اللحم النصف المشوي مع طلوع الفجر، ومنهم من يطلب الطاجين مر على طهيه يوما كاملا، ومنهم من يشتري التفاح الأخضر ويقضمه قضمات تزعج الجيران، ومنهم من يشرب" الحريرة" الحامضة ومنهم من يخشخش اسفل القدمين ليخرج طعاما هيأته الأم او الزوجة، ومنهم من يتفرج على الجميع لالتقاط الغرائب والعجائب.
تنتهي مدة التوقف يزعجك السائق بالمنبه ويتسابق الجميع نحو المقاعد ،ومن المسافرين من يصعد حافلة أخرى غير حافلته للتشابه في اللون... تتحرك الحافلة وتسمع التجشؤ المشين " التكراع" ويتمايل الكل تبعا للمنعرجات، ثم يبدأ المسلسل الجديد بمناداة السائق بتخفيف السرعة ...تصل منعرجات تيزي نتلغمت وتشم رائحة حموضة المَخْرجَين: من الأسفل ومن الفم، حيث هاجت المعدة وضاقت بحملها الثقيل المتنوع في الرداءة وتسمع " قعقعة" القيء التي كانت تنفع معها الميكا التي يوزعها السائق قبل المنعرجات مجانا قائلا " شكون بغا الميكا" " ها الميكا لَ اللي مريض بالمعدة"... بعد قطع الممر الضيق تبدأ المياه المحمضة في الطيران والسيلان وحتى الذي كان بخير يضيق بالرائحة وتبدأ مسرحيته هو الآخر.
هذه السفرة طلعت بدون" ميكا" وحين سمع " ل كريسون القعقعة" قال" ها هما صحراوة بداو عاود" وحين تكاثرت أصوات القيء قال " واعباد الله جيبو معاكم قراعي د الكوفتير أو كوكوطات ولا ّديرو لكوش لفّامكم " الله ياخذ الحق ف زيرو ميكا ...وحين سمعت عجوز في آخر المقاعد اسم الميكا قالت" اشيفور عافاك واحد زيرو ميكا الله ارحم ليك الوالدين دون أن تدري المسكينة قرارات الحكومة " الحادكة " في صنع الحدث لكوب 22 المقبلة .
السفرات الطويلة تقتضي الحيطة من المسافرين وعدم الإفراط في الأكل عله تتحسن ظروف النقل بالمنطقة وتتيسر أمر الجهة لاستعمال الهيلوكبتيرات في النقل العمومي وتعميم خدماتها على المواطنين جميعا بدل أن يضعها مجلس الجهة رهن إشارة الباحثين والخبراء مستقبلا وليس ذاك على الله بعزيز.