عبد اللطيف قسطاني - الرشيدية / جديد أنفو

قبل أيام قليلة أعفت وزارة الشباب والرياضة المكلف بمهمة تسيير شؤون النيابة الإقليمية للوزارة بإقليم الرشيدية، حدث كان سيكون عاديا لو كان هذا الإعفاء هو الأول من نوعه بالرشيدية التي لم تعرف استقرار أحوالها منذ أزيد من عشر سنوات، تعاقب فيها على تسيير شؤون الرياضة بالإقليم سبعة مسؤولين كانت نهايتهم إما الإعفاء أو طلب الانتقال قبل إنهاء مددهم مع اختلاف الأسباب التي كان أسوأها إعفاء بسبب فضيحة جنسية.

عدم الاستقرار الذي عرفته النيابة الإقليمية لوزارة الشباب والرياضة دفع الإقليم ثمنه غاليا من مستوى أداء القطاع الذي صار قطاعا شبحا "إن صح لنا تسميته هكذا" مادام أداءه شبه منعدم مقارنة مع أقاليم أخرى أغلبها حديثة العهد بإنشاء المصالح الإقليمية بها.

وإن تحدثنا في بداية مقالنا هذا عن قطاع الشباب والرياضة فليس لأنه القطاع الوحيد الذي أعلن إفلاسه بالإقليم، بل فقط لأن حدث إعفاء المسؤول الإقليمي عنه كان القشة التي قصمت ظهر البعير، وكان المناسبة فقط لحديث كان إلى عهد قريب أفكارا تعتمل في خواطر أبناء الإقليم لتصير اليوم حديثا وشكوى عن مآل قطاعات يصر مسؤولو الوزارات على التعامل معها ومع إقليم الرشيدية بمنطق يجعل من المنطقة مكانا لمعاقبة المخطئين من المسؤولين، بعيدا عن أي إحساس بأهمية هذا الإقليم الذي أراد له الله تعالى أن يكون نائيا بعيدا عن مراكز القرار.

قطاعات عدة لازالت بالإقليم تسير بمكلفين بمهام المندوب وكأن بلادنا في حاجة لأطر تملأ هذا الفراغ، مما يذكرني بحادثة تعيين 17 طبيبا بإقليم الرشيدية سنة 2011 لم يلتحق منهم غير 5 قررت واحدة منهم أيضا الرحيل بعد جولة سريعة بمستشفى مولاي علي الشريف، وكأن مخيلة المواطن المغربي الذي قدر له أن يخلق بمناطق المغرب النافع لا يملأها عن الرشيدية غير صور الجِمال والخيام.

ومهما كانت أسباب مسؤولينا في التعامل مع مصالح وزاراتهم بإقليم الرشيدية، فستبقى في اعتقادي أعذارا أقبح من كل الذنوب، لأن الرشيدية لم ولن ولا يجب أن تكون أبدا أرضا للعقاب، لأنها ومنذ الأزل أرض الخير وأرض الرجال، فهل عجزت هذه الأرض الطيبة عن إنجاب من يتولون تسيير أمورها؟؟ وكيف سيكون حال هؤلاء المكلفين بمهام المسؤولية في تعاملهم مع الموظفين قبل وحين وبعد تولي المسؤولية وبعد الإعفاء منها؟؟ ألا يستحق هؤلاء المكلفون تعيينا رسميا بهذه المهام تسهيلا على الأقل لمأموريتهم؟؟

أسئلة كثيرة لا أظن أنني سأتلقى أي جواب عنها لأن الأمر لا علاقة له بكفاءة هؤلاء المكلفين من عدمها، بل بأسباب عدة قد لا يسمح الوقت بالتطرق إليها، غير أن مثالا واحدا فقط أذكره الآن لأنه يشكل الاستثناء في كل شيء، الاستثناء في التعامل مع ملفات عجز من سبقوه على التعامل معها، الاستثناء في جمعه بين الصرامة والمرونة في التعامل مع موظفين كل الأخبار الواردة من إدارته تصفهم بالشراسة وعصيان كل مسؤول ولي علينهم، الاستثناء في التعامل مع المسؤولية مادام أسلوبه في الاشتغال ينم عن ترفع عن أي خوف من الإعفاء مع ما يحمله هذا الأخير من مشاكل مع الموظفين الذين لا يؤمنون بحكمة "ارحموا عزيز قوم ذل".

استثناء اليوم لا شك أن المهتمين بأحوال الرشيدية لن يجدوا صعوبة في اكتشافه، وهو الشاب الذي تربع على كرسي المسؤولية بالمندوبية الإقليمية للتعاون الوطني، كمكلف طبعا، لكنه تمكن في ظرف وجيز من التطرق لملفات عجز مندوبون ذوو خبرة سبقوه عن التطرق لها، وثناؤنا لجهوده ليس مجاملة ولا نفاقا، بل اعتراف بجهود شاب تمنينا أن يسلك كل مسؤولينا مسلكه على الأقل إن لم يسلكوا مسلكا أفضل.

فهل هذا ما يستحقه إقليم الرشيدية الذي كان مضربا للأمثال في الجدية والالتزام والمثابرة والتضحية؟؟ أم أن مسؤولينا يرومون تحطيم كل ما هو جميل في إقليم يعيش المر بسبب بعده عن مراكز القرار رغم أن أرضه لا تنبت إلا كل حلو؟؟ إن كان هذا مأربهم فقد نجحوا إلى حد كبير في إرجاع الإقليم سنوات ضوئية للوراء جعلت أبناءه يتمنون الرحيل إلى أقاليم حديثة الإنشاء كانت إلى عهد قريب قرى صغيرة صارت بحكم تطور الزمن بها عواصم يتمنى أبناء الرشيدية أخذ صورة بها فقط للهروب ولو افتراضيا من جحيم إقليمهم الذي لا ينتهي.

فيا مسؤولي هذا الوطن ارحموا من في الرشيدية يرحمكم من في السماء...