عبد اللطيف قسطاني - الرشيدية / جديد أنفو
أصبح عاديا لدى كل من يتجول بشوارع وأزقة مدينة الرشيدية أن يرى الراجلين يحتلون وسط الطريق، مزاحمين بذلك السيارات والدراجات النارية والعادية، حتى صارت عادة سيئة التصقت بالرشداويين حتى عند تجوالهم بالمدن الأخرى لتصير مزاحمة السيارات بالطريق علامة مميزة ومصدر تهكم وسخرية بين الرشداويين خارج مدينتهم.
المشكلة التي وإن كانت في ظاهرها تنم عن تربية غير سوية، في الحقيقة راجعة لأسباب لا يد للمواطنين الرشداويين بها، مادام احتلال الملك العمومي أمرا مسلما به لم يعد يناقشه أحد، وكأن من حق التجار إخراج نصف سلعتهم لقارعة الطريق، متسببين بذلك في عرقلة نظام عام ضحيته في الأخير مواطنو المدينة الذين لا حول لهم ولا قوة.
المشكلة ليست خفية ولا عصية على الكشف، فهي بادية للعيان لا يخطئها أحد غير الرشداويين الذين ألفوا المنظر العام بالشكل الذي يرونه عليه يوميا، وكأن الحالة التي تعيشها المدينة أمر طبيعي مسلم به، مما يعجز المواطنين أمام أسئلة زوار المدينة الذين يصدمهم استفحال الظاهرة ليطرحوا كمّ أسئلة تجابه بصمت الرشداويين واستغرابهم من أسئلة بالنسبة لهم علامة مميزة عن كون صاحبها غريب عن الديار، فلا تكاد تمر من زقاق أو شارع بالمدينة إلا به مقهى أو محل تجاري يحتل الرصيف كله، مرغما الراجلين على ركوب مخاطر مزاحمة السيارات في مدينة تحوي أصلا من السيارات أضعاف ما تحتمله.
أحياء بكاملها صارت أزقتها أضيق من حقيقتها لتجرؤ المواطنين على احتلال أمتار إضافية أمام منازلهم لإقامة حديقة أو سياج لحجب النساء اللاتي يفضلن الجلوس أمام أبواب منازلهن، بل في أحيان كثيرة لإقامة سياج لا معنى له غير احتلال الملك العام بدون حاجة أو مبرر كما هو واضح للعيان بحي عين العاطي 1 الذي صار مثالا سيئا لاحتلال الملك العام بشكل مستفز.
والحقيقة التي لا مراء فيها أن المسؤولية لا يتحملها المواطنون والتجار وحدهم، بل تتحمل الحظ الوافر منها سلطات المدينة ومجلسها المنتخب، ماداموا عاجزين عن التصدي بحزم لهذه الآفة التي صارت نقطة سوداء تسيء للمدينة التي تطمح بعد كمّ الإصلاحات التي تعرفها لتزيين صورتها ومزاحمة المدن الكبرى، فإلى متى ستبقى أمور المدينة على هذا الشكل الذي يبدو أن صراعات خفية بين المتحكمين في زمام أمور المدينة هي السبب في بقاء الحال على ما هو عليه؟؟ أم أن حسابات أخرى عصية على أفهامنا تمنع المسؤولين من الضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه الاستهتار بمصلحة المدينة العليا؟؟
لابد أن كل من يحمل في أحشائه ذرة حب لهذه المدينة، بل وكل من يحمل في ثناياه ذرة ضمير، سيسوءه حال المدينة وهي تتلاطمها أمواج الصراعات الحزبية والانتخابية ليدفع المواطن البسيط ثمن قدر أراد له أن يكون ابنا لهذه المدينة أو وافدا إليها بحكم العمل أو أشياء أخرى، لكن أن تكون الصراعات أشياء أخرى أكبر من الانتخابات والأحزاب فهو مما يجعلنا نتحسر على مآل مدينة تمنح كل من يطأ أرضها الطمأنينة والحب والراحة ليكون جزاءها النكران، فلك الله يا أرض الشرفاء فما على أرضك من يحن لك أو إليك..