عبد اللطيف قسطاني - الرشيدية / جديد أنفو
تحدثنا كثيرا وتحدث غيرنا من الغيورين على إقليم الرشيدية عن المعاناة التي يعانيها مواطنو الإقليم جراء الخصاص المهول في موظفي مجموعة من القطاعات خصوصا أمام رفض مجموعة من الموظفين المعينين بالإقليم الالتحاق وكأن مخيلتهم ترفض تكذيب ما ترسخ بها من أفكار مغلوطة عن الرشيدية وتمدنها، مما يصعب مأمورية مواطنين يلجأون لإدارات الإقليم لقضاء أغراضهم الإدارية خصوصا في قطاعات حساسة كقطاع الصحة الذي أسيل عنه غير قليل من المداد دون أي تحسن يذكر.
لكن المشكلة الحقيقية التي يستعصي على أفهامنا إدراكها، هي إصرار البقية الباقية من الموظفين على الاستهتار بأوقات العمل فيما يمكن اعتباره حسب الكثيرين منهم احتجاجا غير معلن عن التوقيت المعمول به والذي لا يصلح أصلا للتطبيق بمناطق كالرشيدية لأسباب عدة يمكن إجمالها في كون موجباتتطبيق هذا التوقيت غير متوفرة بهذه المناطق على عكس المدن الكبرى التي تدخل اعتبارات عدة كترشيد نفقات الطاقة وضبط دخول وخروج الموظفين وغيرها في أسباب اعتماد توقيت أثبت فشله رغم كل ذلك في أغلب المناطق المغربية، خصوصا في مجتمع مبني على نواة الأسرة التي تعد الخاسر الأكبر في ظل توقيت يشتت شملها في أغلب فترات النهار، مما يجعل الكفة تميل غالبا عند أغلب الموظفين نحو مصلحة الأسرة والأبناء على حساب المواطنين وجودة خدمات الإدارة.
موظفون، خصوصا الإناث منهم، يجدون صعوبة في التعامل مع أوقات ولوج ومغادرة أبنائهم لحجرات الدراسة، وكل ما يتعلق مع ذلك من ارتباطات أخرى كوقت الأكل ووقت زيارة الطبيب إلى غير ذلك، وزد عليها شبه استحالة لجوء المواطن الرشداوي إلى محلات الأطعمة لتناول وجبة الغذاء والعودة إلى مقر العمل، مما يضطرهم للمغادرة في اتجاه منازلهم، والنتيجة على أقل تقدير تأخر عن العمل لساعات بالنسبة للحريصين على أداء واجبهم معتمدين على حكمة "ما لا يدرك كله لا يترك جله"، في الوقت الذي تعتبر فترة الغذاء بالنسبة للكثيرين فرصة مغادرة العمل دون رجعة.
إدارات كثيرة بالإقليم يمكن لأي زائر لها أن يكتشف كمّ الفراغ الذي يحيط بها سواء قبل بداية الدوام، أو بعد الزوال، وكثيرون من موظفينا يعتبرون بداية الدوام بعد ساعة على الأقل من بدايته الحقيقية في حين أن نهايته قد ترتبط بأي اتصال هاتفي يدعوه لأي غرض شخصي أو متعلق بالأسرة حتى ولو جاء بعد دقائق قليلة من الالتحاق بمقر العمل، وإلا فوقت وجبة الغذاء هو الوقت المثالي للمغادرة وترك خيار العودة واللاعودة مشرعا أمام كل الاحتمالات.
ونحن إذ نتطرق اليوم لهذا الموضوع فلم يكنأبدا في نيتنا التعميم، فلكل إدارة رجالاتها ممن اختاروا التضحية حتى بالمصالح الشخصية في سبيل الالتزام بعمل تنظمه قوانين حتى وإن كانت جائرة في اعتقادهم، غير أنهم لا يخرجون في اعتقادنا عن منطق الاستثناء، والاستثناء في القاعدة المعروفة لا يقاس عليه.
فهل من المستحيل التفكير بجدية في اعتماد توقيت يحترم آدمية المواطنين والموظفين على حد سواء؟؟ أم أن تسيب الإدارات سبب آخر في اعتماد هذا التوقيت؟؟ وإن كان كذلك فقد نجحت إدارتنا في تحقيق أحد أهدافها على الأقل ويجب علينا الافتخار بذلك واحترام إرادة الإدارة والكف عن التشكي وحديث المظلومية..