منتصر إثري 

بعد زهاء أربعة أشهر من مغادرته السجن المحلي بأمكناس، بشروط، أصدر المعتقل السياسي الأمازيغي السابق حميد أعطوش، كتابا تحت عنوان “إمازيغن وحتمية التحرر، الحركة الأمازيغية بين الاعتقال والاغتيال” يقع في 245 صفحة، و يتكون من سبعة فصول رئيسية، تطرق فيها الكاتب لمجموعة من الأحداث، أبرزها الأحداث الجامعية التي وقعت سنة 2007 في مجموعة من المواقع الجامعية، والتي أدت إلى اعتقاله إلى جانب رفيق دربه مصطفى أوساي بأمكناس، وقضيا معا 9 سنوات متنقلا بين سجن سيدي سعيد وتولال 1 وتولال 2 بأمكناس وبين سجن بولمهراز بفاس.

أعطوش قام بسرد كرونولوجي لأحداث 2007 التي عرفتها مواقع جامعية مختلفة كموقع تازة وأكادير والرشيدية ومكناس، كاشفا عن ما اسماه بهجوم “عصابات وميليشيات محسوبة على المتمركسين التي سعت جاهدة إلى استئصال خطاب الحركة الثقافية الأمازيغية على مناضلي الـ MCA بموقع تازة”، كما تطرق إلى هجوم “الانفصاليين المحسوبين على ما يسمى بـ”الطلبة الجبهويين” المعروفين بعدائهم لكل ما هو أمازيغي” على الحركة الثقافية الأمازيغية بأكادير ممّا أسفر عن إصابات كثيرة واعتقال ما يفوق 40 مناضلا من نشطاء الحركة الثقافية الأمازيغية، كما تطرق المعتقل الأمازيغي في كتابه إلى أحداث الرشيدية “موقع إمتغرن” والتي عرفت ليلة 12 ماي 2007 أحداثا أليمة من خلال “تسخير المخزن مرة أخرى لأذياله الخفية المتمثلة في شرذمة من المحسوبين على “البرنامج المرحلي ورقة 86″ للنيل من مناضلي الحركة الثقافية الأمازيغية”، قبل أن يسهب في الحديث عن أحداث مكناس، إذ عاد أعطوش إلى يوم 22 ماي 2007. وهكذا يقول اعطوش ” تم تصفيدنا والنيل من كرامتنا بالسبّ والشتم وتخريب محتويات المنزل من صور معتوب لوناس وتمزيق العلم الأمازيغي والاستيلاء على كل ممتلكاتنا”، ومباشرة بعد إيصالنا تم توزيعنا على زنازين ونحن مقيدي الأيادي ومغمضي العيون وتمّ رمينا فيها بطريقة وحشية على بطوننا، لتشرع عصابة من الجلادين في تعذيبنا بأساليب مرعبة وهمجية متفننين ومتلذذين بذلك، وبشكل هستيري يعكس ساديّتهم المتأججة” يورد أعطوش في كتابه.

الكتاب الذي خطه المعتقل الأمازيغي داخل دهاليز أربعة سجون، يحكي عن تفاصيل تكشف لأول مرة عن هول التعذيب النفسي واللفظي والجسدي الذي تعرض له المعتقلان الأمازيغيان، كما يميط اللثام عن مرحلة التحقيق والجلسات والحكم الابتدائي والاستئناف وصولا للمجلس الأعلى للقضاء الذي قال عنه أعطوش أنه دقّ أخر مسمار في نعش العدالة المغربية.

كما تطرق أعطوش في كتابه إلى المرحلة الأولى لدخوله السجن، والانتقال من سجن “سيدي سعيد إلى سجن ” تولال (1)” تم بعد ذلك إلى سجن “تولال( 2) ” الذي وصفه “بكّوانتانامو”، والمرحلة الأولى لولوج المؤسسة السجنية والتكيف مع فضائها والتوزيع الزمني اليومي لحياة السجين داخل السجن والزيارات والتأديب والعلاقات بين السجناء.

كتاب “إمازيغن وحتمية التحرر” أسرد فيه كذلك المعتقل الأمازيغي أعطوش حصيلة العشر سنوات من الاعتقال السياسي قضاها داخل السجون السالفة الذكر، وكذا الإفراج المفاجئ عن رفيق دربه المعتقل السياسي مصطفى أوساي، وصولا للوضعية المقلقة التي تعيشها الحركة الأمازيغية.

أعطوش تطرق أيضا في كتابه إلى إضاءات حول مفاهيم القضية الأمازيغية ومعتقليها، والمقاربة التاريخية للاعتقال السياسي وحقيقة الاعتقال السياسي في العهد الجديد الأمازيغية والوجه الخفي للاعتقال السياسي وصولا إلى الإقصاء الذي عرفه معتقلي القضية الأمازيغية.

كتاب أعطوش تطرق أيضا إلى الحركة الثقافية الأمازيغية والتي اعتبرها ظاهرة سياسية فريدة تستدعي التحليل الزمني والمكاني بالنظر الى العوامل والسياقات التي أدت إلى ظهورها تنظيميا، إضافة إلى كونها محتضنة من نخبة فكرية طلابية مجسدة بذلك نقل العمل الجمعوي والثقافي والسياسي الأمازيغي إلى الجامعة.

وتطرق الكاتب إلى مجموعة من العوامل الذاتية والموضوعية التي ساهمت في ظهور الحركة الثقافية الأمازيغية في بداية التسعينيات وطهورها المتصاعد في الوسط الجامعي والذي شكل عصي الاستساغة من طرف الأطياف الإيديولوجية الأخرى “ورغم حداثة الحركة الثقافية الأمازيغية فقد أعطت النموذج في تحقيق التوازن بين السياسي والتنظيمي في طرحها الفكري”.

قبل أن يعود المعتقل الأمازيغي، حميد أعطوش ويقول أن هذا لا يعني ربحها للحرب النضالية” مبرزا أنه  لابد من الإقرار بوجود الكثير من التحديات التي ترفعها الجامعة المغربية نقابيا وسياسيا”.

أما فيما يخص الأسس والمرجعية الفكرية لخطاب الحركة الثقافية الأمازيغية، يقول أعطوش أنه متميز عن باقي الخطابات الرائجة في الساحة، والتي اعتبرها الكاتب “خطابات كلاسيكية ترتبط مرجعياتها بأصنام فكرية مقدسة وبنص محدد كالفكر اليساري الذي يتبنى الماركسية اللينينية أو الفكر الإسلامي المروج لفكر الإسلام السياسي بحركاته المختلفة”.

“ومن هنا ارتأت الحركة تصحيح بعض المفاهيم التي تخضع لدينامية الحركية كونها مفاهيم بشرية بشرية نسبية متطورة ومتغيرة باستمرار، فالمرجعية لا تعني بتاتا نصا بعينه وفكرة مطلقة جاهزة بقدر ما تعني مجموعة الأسس والمبادئ والتصورات والمفاهيم التي تحدد الرؤية الاستراتيجية وسبل تجسيدها في الواقع، عبر سيرورة زمكانية متحركة متغيرة، أنها اجتهاد بشري مفتوح يهدف الى إسعاد المجتمع وتطوير قدراته، ويضمن التواصل لبناء التناغم والانسجام بين افراده قصد بلوغ مراقي التقدم، وهي كذلك منبع متجدد لصياغة القرارات وبرؤية شاملة للإشكالات المطروحة على المجتمع وقضاياه الراهنة”. يقول المعتقل الأمازيغي في كتابه.

يذكر أن حميد أعطوش قام بتوقيع كتابه “إمازيغن وحتمية التحرر، الحركة الأمازيغية بين الاعتقال والاغتيال” في ندوة صحافية نظمتها الحركة الأمازيغية بالرباط، مساء السبت 07 يناير الجاري، شارك فيها محامون ومهتمون وفاعلين ونشطاء الحركة الأمازيغية والحركة الثقافية الأمازيغية.

تجدر الإشارة كذلك إلى أن المعتقل السياسي الأمازيغي السابق، حميد أعطوش تم الإفراج عنه بشروط قبل أشهر قليلة بعد زهاء 9 سنوات قضاها داخل سجن تولال بمكناس.





المصدر: أمدال بريس