محمد ايت حساين - جديد انفو / متابعة
خيرة الحيان واحدة من النساء القليلات بمنطقة الجنوب الشرقي اللواتي رفعن راية الكفاح، وسلكن دروب الدفاع عن المرأة وحماية حقوقها في مجتمع محافظ تحكمه الأعراف والتقاليد.
"منذ نعومة أظافري فتحت عيناي على عشق ممزوج بحب الوطن، فكنت مستعدة للتضحية من أجل ذلك العشق"، تقول خيرة وتضيف: "آمنت بصوتي كامرأة فقررت أن أكون خير نصير للنساء بمنطقتي النائية، والعمل على اختراق الحدود الوهمية بين الرجل والمرأة وتعبيد الطريق أمامها للقيام بدورها كاملا في خدمة المجتمع".
هي أيقونة من أيقونات التغيير، حملت على عاتقها المساهمة في النهوض بأوضاع المرأة القروية عامة، والمرأة بمنطقة اوفوس على نواحي مدينة الرشيدية خاصة، حتى استحقت لقب "المحامية" والمناضلة والجريئة التي تغيب النوم عن جفون المسؤولين وتقض مضاجعهم بمرافعاتها عن القضايا الاجتماعية والحقوقية لهذه الفئة.
بملامح جادة وعزيمة قوية مدججة بالإرادة والتحدي، وعيون تتطلع نحو مستقبل مشرق، تستقبلك خيرة الحيان، البالغة من العمر 40 سنة، بمشروعها السياحي الذي تديره بنفسها بمساعدة نساء المنطقة؛ حيث تحكي عن تجربتها الغنية في مجالات عدة كانت بالأمس القريب حكرا على الرجال.
خيرة الحيان، ذات التكوين الأكاديمي بحصولها على الإجازة في القانون العام، تدرجت في تقلد مناصب عديدة بمجموعة من الجمعيات المدنية؛ إذ بدأت مشوارها الجمعوي سنة 2005 بعد التحاقها بجمعية محلية مهتمة بشؤون المرأة والطفولة.
رغم ما تعانيه المرأة من تمييز وتهميش بسبب التقاليد والأعراف التي تتميز بها منطقة الجنوب الشرقي، فإن خيرة استطاعت كسر قيود تلك التقاليد والأعراف، وولجت عالم الرجال بخطى حثيثة؛ إذ تعتبر أول امرأة على الصعيد الوطني انضمت إلى الجماعة السلالية سنة 2010، وهو ما لقي ترحيبا واسعا من أهل القبيلة يعود بالأساس إلى "مساري النضالي والترافعي في مجالات مختلفة".
طموح خيرة الكبير في الترافع عن قضايا المرأة لم يكن عائقا أمامها لولوج عالم التشغيل الذاتي؛ بحيث افتتحت سنة 2009 أول مشروع سياحي تديره بنفسها بمساعدة نساء المنطقة؛ وذلك "من أجل تحسين ظروف عيشهن"، تؤكد الفاعلة الجمعوية.
"المرأة بالمنطقة ورغم الأدوار الطلائعية التي تقوم بها، مازالت تعاني مرارة تلك النظرة الدونية للمجتمع"، تقول خيرة التي أرجعت ذلك إلى النظرة النمطية التي تشكلت حول المرأة عبر العصور، معتبرة في هذا الإطار أن المرأة في منطقتها بدأت تشق طريقها نحو تحقيق الاستقلالية وأن النظرة القديمة في حق النساء قد بدأت في الزوال، كما أصبحت النساء أكثر اندماجا في محيطهن السوسيو اقتصادي والثقافي والسياسي.
وأشارت المتحدثة إلى أن طموحها الذي تسعى إليه جاهدة هو أن تعتمد المرأة على نفسها وأن لا تقبل الإهانة.
خيرة كأول منعشة سياحية بالجنوب الشرقي، وبفضل حنكتها في تقلد مجموعة من المهام الجمعوية، استطاعت سنة 2010 ترأس جمعية زيز الأوسط للسياحة القروية والبيئية، كما انضمت إلى تعاونية فلاحية جميع أعضائها ذكور اعتبروها قيمة مضافة للمكتب المسير للتعاونية.
الفاعلة الجمعوية خبرت أيضا المجال السياسي منذ 2009؛ حيث ترشحت للانتخابات الجماعية تحت رمز "الوردة"، واستطاعت الظفر بمقعد مستشارة جماعية. وخلال سنة 2011 خاضت تجربة البرلمان باسم الحزب نفسه إلا أن حظها لم يسعفها للفوز، غير أنها وخلال الانتخابات الجماعية لسنة 2015 ترشحت باسم حزب التجمع الوطني للأحرار، وتم عرض رئاسة المجلس عليها، لكنها رفضت بسبب غياب فريق منسجم داخل الجماعة، بحسبها، وفضلت المعارضة لتترافع على مصالح المواطنين بمنطقتها.
وتعتقد الفاعلة الجمعوية أن الطريق مازال طويلا أمام المرأة لتحقيق ما تصبو إليه من تطلعات؛ ذلك أن درب الحياة ليس كله مفروشا بالورود. من هنا، تدعو خيرة النساء إلى بذل مزيد من الجهود لتخطي العقبات والإكراهات التي تحول دون بلوغ الأهداف في هذا الإطار، معتبرة أن الاحتفال باليوم العالمي للمرأة يشكل مناسبة للترافع حول قضايا المرأة بشكل عام، وقضاياها بالأوساط التي مازالت تشهد انحطاطا في أوضاعها على كافة المستويات، بشكل خاص.