جديد انفو - بوعنان /  متابعة

ثلاثة أيام متواصلة، تلك هي المدة التي قضتها أشغال الدورة الخامسة من مهرجان بوعنان للثقافات الأصيلة، على طول وعرض ساحة مركز جماعة بوعنان، والذي نظمه اتحاد المبادرات التنموية ببوعنان، تحت شعار : " دعم التنشيط الثقافي لتعزيز جاذبية المجال وإدماج الشباب في التنمية الشاملة "، أيام 08 و 09 و 10 أبريل 2017، وذلك بشراكة مع بدعم من وزارة الثقافة والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ووكالة تنمية أقاليم الشرق، والوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان، والمجلس الإقليمي لفجيج، والجماعة الترابية لبوعنان .
 
ودع المهرجان محبيه وزواره مساء أمس الإثنين، ضاربا لهم موعدا السنة المقبلة مع فقرات وبرامج تراثية مختلفة، وقد عرفت هذه النسخة من المهرجان كعادتها استعراضات فلكلورية فنية، ومعارض لتسويق المنتوج اليدوي المحلي، إلى جانب ندوات علمية في موضوعي: "الموروث الثقافي بمنطقة حوض كير/تعدد وتنوع" و"الاقتصاد التضامني والاجتماعي لمنطقة بوعنان".
الدورة أيضا أثثت مشاهدها تأليفة متنوعة من الفرق الفلكلورية المحلية والجهوية في كرنفال افتتاح المهرجان، كما كانت مناسبة لتشجيع الطاقات الإبداعية الشابة وإبراز المنتوج الإبداعي المحلي والانفتاح على الإبداع الجهوي والوطني، عبر حضور فرق شبابية محلية وافريقية.
 
ساحة بوعنان ... تتحول لمسرح استعراضات فنية ويدوية وتراثية.
 
انتشرت، على مدى ثلاثة أيام، فرق محلية فلكلورية وأخرى شعبية بساحة مركز بوعنان ممثلة مشهدا موسيقيا متنوعا ومتفردا بأصنافه وألوانه، عاكسا ثقافة ضاربة في الجذور وتشمل منطقة واسعة الامتداد، تصل الروافد المجالية لوادي كير وتتجاوز حدود المملكة المغربية.
وزينت فقرات المهرجان 17 فرقة محلية وإقليمية وجهوية وواحدة إفريقية، شدت إليها أنفاس الحاضرين الذين تابعوا كافة فقراتها خلال الثلاثة أيام، وأمتعتهم بتعدد وصلاتها الغنائية وأساليب إخراجها.
 
وإلى جانب الفن الفلكلورية، كان فن الراي حاضرا بقوة من خلال مغنيين مغاربة ذاع صيتهم بغناء هذا الفن، كما تنوعت لهجات الإلقاء بين العربية والأمازيغية، كما ألهبت نجمة الأغنية الأمازيغية فاطمة تشنويت منصة العرض في آخر فقرة شهدتها الدورة الخامسة من مهرجان بوعنان للثقافات الأصيلة.
 
 
فضلا عن تموضع 24 رواقا وضعها اتحاد المبادرات التنموية ببوعنان رهن إشارة الزوار للاطلاع على المنتوجات والصناعات التقليدية والتي تتوزع على طول وعرض منطقة بوعنان وتنفتح كذلك على هوامش منها.
 
كلمات بالمناسبة... اعتراف بنجاح المهرجان وتحفيز له.
 
كان لحضور السيد محمد رشدي، عامل صاحب الجلالة على إقليم فجيج، دعما وازنا لأشغال المهرجان، حيث عبَر عبْر رسالة خطية للجهة المنظمة، عن تمنيه لمهرجان بوعنان للثقافات الأصيلة، مزيد من التقدم والازدهار، وكذا مزيدا من النجاح.
 
 
وقال السيد عبد الحميد أبوحميد، رئيس اتحاد المبادرات التنموية ببوعنان، في كلمة افتتاحية، أن الدورة الخامسة من مهرجان بوعنان للثقافات الأصيلة، تنفتح على ثقافات أخرى مجاورة لمنطقة بوعنان، كما زادت من مجال استقطاب الكفاءات الفنية والفرق الفلكلورية والشعراء الزجالين على الخصوص.
 
وأضاف: «هدفنا هو التعريف بالموروث الثقافي بالمنطقة، وإبراز ما تزخر به على كل المستويات، وبجميع الشرائح المجتمعية"، مضيفا، "معارض الصناعة التقليدية المحلية، تعتبر لدينا في إدارة المهرجان، فرصة لتسويق المنتجات المحلية ولدعم اليد الصانعة المحلية وكذا ترويج المواد التي تستجيب لمقومات وتحترم قواعد الاقتصاد التضامني".
 
ومن جهته، عبر السيد عبد الله البوحديوي عن سعادته بتنظيم الدورة الخامسة لمهرجان بوعنان للثقافات الأصيلة، واعتبره مناسبة لإبراز التنوع الثقافي لساكنة الساكنة القاطنة بضفاف وادي كير، وكذلك الساكنة المتنقلة، حيث أوضح في تصريح صحفي عقب افتتاح أشغال المهرجان، أن المهرجان سيشهد تقديم مختلف مظاهر التراث والرقصات والأهازيج العربية والأمازيغية، من تالسينت وكرامة وبومريم وبني تدجيت، إلى جانب أولاد الناصر وأولاد جرير وذوي منيع.
 
وأضاف، رئيس جماعة بوعنان سابقا، أن الرقصات نختلف من مجال الترحال إلى مجال الاستقرار، حيث الأول يكون في صف واحد وبآلات موسيقية متعددة، بينما الثاني تكون فيه ثلاث صفوف وهو فن سعبي يسمى "العامة"، كما يلاحظ حضور مكون المرأة الغائب عند كل القبائل، في الرقصات الأمازيغية وعند قبيلة ذوي منيع.
 
"رغبتنا هي، أن نحيي هذا التراث، الذي يسير في طريق الإندثار، وأن نتمكن من تجسيد التشبث به، خصوصا الموروث الثقافي واللامادي للمنطقة، وتدوينه، والحفاظ عليه، باعتباره كتز لساكنة المنطقة، وجزء لا يتجزأ من ثقافة المملكة المغربية"
 
الموروث الثقافي لحوض كير و الاقتصاد التضامني والإجتماعي...موضوعا ندوات علمية بالمهرجان.
 
الموروث الثقافي لحوض كير / تعدد وتنوع
 
نظمت خلال أشغال المهرجان، ندوة علمية حول الموروث الثقافي لمجال حوض كير، التي دامت أزيد من ساعتين، أطرها كل من الأساتذة الباحثين، سعيد كريمي، رئيس فرع اتحاد كتاب المغرب بالرشيدية، وميمون الراكب أستاذ باحث من وجدة، وعرفت إلقاء قراءات شعرية عربية وأمازيغية من طرف مجموعة من الشعراء والزجالين المحليين والجهويين، بالإضافة إلى تكريم عدد منهم.
 
ورحب السيد عبد الله حديوي، عضو اتحاد المبادرات التنموية ببوعنان، بالحاضرين خلال الندوة، قبل أن يعرج على بسط الأرضية التأطيرية للندوة، مشيرا إلى أن منطقة حوض كير، تعرف تهميشا كبيرا على مستويات متعددة، وهذا ما دفع الجهة المنظمة إلى إقامة المهرجان موضوع الحدث، وضمان استمراريته .
 
ودعا سعيد كريمي، في مداخلته حول "أهمية أرشفة الموروث اللامادي (الثقافي)، إلى الاهتمام بكل ما هو شعبي، مشيرا في حديثه، إلى أن هذا المكون الثقافي كان معزولا، أو لم يحظى بالاهتمام من طرف الأكاديميين والباحثين في الثقافة العالمة.
 
وذكر كريمي أن: «كل ثقافة لها خصوصيتها ونسقها، والنسق الثقافي لكل قبيلة معينة هو تعبير عن نمط تفكير، عن رؤية للوجود وللإنسان وللكون، لا يمكن أن نفاضل بين رؤيتين مختلفتين"، مضيفا، " عندما نتحدث عن الثقافة الشعبية، فإننا نتحدث عن عمق الانسان المغربي، هوية الانسان المغربي وهي هويته المتعددة، والتي تكتسب بعضا من الروافد الجديدة من خلال تلاقح اللغات، فنخلص إذن إلى أننا مزيج من العروبة والامازيغية والافريقية واليهودية...الخ" .يقول المتحدث.
 
وحول الموروث الثقافي بمنطقة الجنوب الشرقي، قال سعيد كريمي أن "المنطقة احتضنت مجموعة من الحضارات، ومجموعة من الأعراق حتى أنها كانت منطقة عبور واستقرار معا، مما أوقع تمازج وتصاهر بين مختلف الثقافات والعقائد، وصنع الفسيفساء المختلفة والمتباينة التي تسود حاليا بالمنطقة".
 
"هذا العمق الذي تشكلها الثقافة الشعبية، نُظر اليها نظرة احتقار وازدراء، من طرف الثقافة العالمة، فالبلاغة الشعرية في شعر لملحون، يمكن ان نخرج بنتيجة مؤداها أن المغاربة عباقرة في صناعة الشعر، بلغة وسطى تمزجه بين الفصاحة واللغة اللاحنة"، يقول كريمي، مردفا، " لقد بات من الضروري أن تقوم مؤسسات وجمعيات بالاشتغال على الموروث الثقافي بمختلف تمظهراته وتلاوينه،.".يضيف المتحدث ذاته.
 
ودعا الأستاذ الجامعي، طلبة الجامعات والباحثين في موضوعة التراث الشعبي وخصوصا الشفهي، إلى الاشتغال على تجميع ذاكرة الأجداد، لما لها من إضافة نوعية قد تُجود خلاصات البحث في التراث المادي واللامادي، موضحا، أن "مشروع أرشفة التراث الشفهي الذي أنجزه مجموعة من الباحثين والخبراء في المجال على مدى أزيد من سنتين من البحث، مكن من تحفيز مجموعة من الباحثين والهيئات المهتمة بهذا المجال إلى إنتاج مجلدات مماثلة، ولازال مشروعنا ممتدا حيث جمعنا أزيد من 1500 صفحة تضم نصوصا وقصائد زجلية 7. يضيف كريمي.
 
"نضع خبرتنا رهن إشارة الجهة المنظمة والساكنة لأجل تجميع الثقافة الشفاهية بمنطقة حوض كير، الذي هو مشروع استراتيجي مهم جدا، لأنه يرد الاعتبار إلى الهامش أولا، وإلى الثقافة الشعبية الجماعية ثانيا، لأهل بوعنان أن يفخروا بموروثهم الثقافي، ويجب عليهم ان يشتغلوا على توثيقها وعلى رسملتها، لأنه الرمز الحقيقي للمنطقة." يختتم رئيس فرع اتحاد كتاب المغرب بالرشيدية حديثه.
 
ومن جهته، قال الأستاذ الباحث، ميمون الراكب، أن البحث في التراث هو بالضرورة بحثا في مكونات الهوية وسلوكنا وقيمنا، التي تكون مرصوصة في ذاكرتنا الجماعية بالدرجة الأولى، موضحا أن التراث الشعبي للجماعات، هو تفسير ضمني لطرق تفكيرها وتتبع لتطور منظومتها الذهنية وسلوكها، عبر مجموعة من الأشكال التعبيرية الشعبية التي توثق الصلات الاجتماعية بين الناس وتدفهم ال التواجد داخل المجال".
 
وقال الراكب في معرض مداخلته، أن ممارسة الشعر الشعبي البدوي بالمنطقة، ليس هو بالدرجة الأولى اشباع لحاجيات الفرد المادية، بل، يضيف الراكب، هو من اجل تثبيت قيم تصبح هي الموجهة لفعل تنموي، ولهذا وجب تثبيت الخصوصية وتحفيزها عبر العمل الجماعي".
 
ودعا الأستاذ الباحث، إلى إعادة التأمل في الخارطة الشعبية الشعرية المعروفة في المنطقة، وإلى إعادة النظر في تجنيس هذه الاشكال التعبيرية في الثقافة الشعبية حتى تخدم التنمية المحلية.
 
الاقتصاد التضامني والإجتماعي بمنطقة بوعنان
 
نظم الاتحاد المبادرات التنموية، الإثنين )10أبريل2017)، في آخر أيام مهرجان بوعنان للثقافات الأصيلة، ندوة حول الاقتصاد التضامني والاجتماعي بالمركب السوسيوثقافي بجماعة بوعنان، لأجل دراسة قابلية تفعيل مبادئ الاقتصاد الاجتماعي التضامني.
 
الندوة، التي دامت أشغالها أزيد من ساعتين، أطرها مجموعة من الباحثين والفاعلين في المجال الجمعوي بالمنطقة، حيث تم تقديم عروض حول ماهية الاقتصاد التضامني، مبادئه، آلياته، أهدافه، وقابليته للتنفيذ والإجراء في منطقة بوعنان.
 
واستُهِلت أشغال الندوة بتقديم تعريف لنظام الاقتصاد التضامني الاجتماعي، من طرف عضو اتحاد المبادرات التنموية السيد عبد الله حديوي، الذي قال في مداخلته، أن النظام موضوع الندوة، يعطي الحق لكل المشاركين في التقرير في المشروع، عكس اقتصاد السوق، حسب حديوي، الذي يتكون فيه سلطة القرار للذي يحوز حصة الأسد في التعاونية، مضيفا، أن كل الشركاء متساوون في "الحصص".
 
ودعا حديوي، ممارسي النشاط الاقتصادي التضامني، إلى الإيمان بالفكرة الاقتصادية التضامنية، والتعامل معها على أساس الفلسفة الإنسانية العميقة لهذا النظام، وشدد على ضرورة تشبع المستهلك بفكرة ضرورة اقتناء المنتوج المجالي، دعما للفئات الهشة في المجتمع وترجمة لمبادئ التضامن والتعاون.
 
وقال رشيد بدري، فاعل جمعوي بالمنطقة، في تصريح عقب نهاية الندوة، أن "على المجتمع المدني بالمنطقة، البدء بتحديد حاجيات التعاونيات التي تشتغل بالمنطقة، وتحديد مميزاتها ومجالات اشتغالها"، مشيرا إلى ضرورة دراسة الوضع التعاوني على مستوى جماعة بوعنان بروافدها، لأجل تحديد المشاكل بشكل دقيق، والتي غالبا ما تدور حول "التسويق، التلفيف والمسائل الأخرى التقنية" يقول بدري.
 
وشدد بدري على دعوة المجتمع المدني إلى التعاون والتكتل لأجل خلق مركز للتكوين والتأهيل في خدمات التعاونية يساعد الممارسين في المنطقة على هيكلة العمل الاقتصادي التضامني، ويجعل للجماعة مائزة تعرف بها.
 
ودعا، رئيس جمعية حوض كير، نعيم موساوي، إلى الشروع في وضع استراتيجية عمل تخص تطوير العمل التعاوني بمنطقة بوعنان، وإلى تجويد وهيكلة المؤسسات التعاونية التي تخدم التنمية المحلية أولا، وتخدم المنتوج المجالي ثانيا، مشددا على ضرورة خلق لجنة للتتبع والمرافعة والهيكلة، يضيف موساوي.
 
واختتمت أشغال الندوة، بالاتفاق على مجموعة من التوصيات التي ستنفذ في الأسابيع القليلة المقبلة، والتي همت بالخصوص، عقد لقاء إقليمي يضم الخبراء والكفاءات من أبناء المنطقة، لأجل وضع استراتيجيات التسويق والتاهيل والتجويد للعمل التعاونيات، فضلا عن تعيين لجنة تتكون من خمسة أعضاء لأجل السهر على الالتزام وتنفيذ وتتبع مسار هذه التوصيات، والتي يدخل من ضمنها المواكبة والتكوين في المجالين التقني والتدبييري ودعم التشبيك محليا وجهويا ووطنيا، والعمل على البيان الجغرافي المحلي لبعض المنتوجات، بالإضافة إلى إنشاء وحدة لإنتاج وتعليب الحليب ومشتقاته، وعدم الاتكالية الدائمة على مبدأ تلقي الإحسان من طرف الجهات الداعمة.