زايد جرو –  الرشيدية  / جديد أنفو

كان جمهور مدينة الرشيدية يوم الأحد 23 أبريل 2017  ابتداء من الساعة الخامسة مساء بالمركب التربوي والاجتماعي والثقافي والرياضي  بأولاد الحاج على موعد مع عرض مسرحية " لمقص " وهي إبداع كوميدي ساخر قدمته فرقة " وشمة"، المسرحية  تندرج  في إطار الأنشطة الثقافية والفنية التي تنظمها المديرية الجهوية لوزارة الثقافة بجهة درعة تافيلالت، بدعم من وزارة الثقافة وبتعاون مع مسرح محمد الخامس.

المسرحية  قاربت بالنقد مظاهر من السلوك الإنساني المنحرف  من قبيل الطمع، المصلحة الذاتية  والمنفعة الشخصية، القيم  الأخلاقية، المروءة، الإشاعة ومظاهر من النشاط الإنساني وعلاقته مع بيته ومجتمعه بشخصيات أحدثت الحدث بالصراع الدرامي وتفاعل الأحداث لتقديم بناء فني متكامل، بالتحام كل العناصر المسرحية حتى بلغت النهاية التي رأى فيها المخرج أن الفكرة قد وصلت، وبلّغ بعضا من مظاهر الواقع... ونتج عن تلك السلوكيات تداعيات طالت  مقربين، وأثرت على حياتهم اليومية، وغير ذلك من التيمات الواضحة والغامضة في المسرحية لتشابك وتداخل المواضيع فيها والتي يصعب تتبع أحداثها وفهمها في لحظتها .

الجمهور الحاضر المتنوع والذي كانت أغلبيته من النساء والأطفال والذي لم يتعود العروض المسرحية  الجريئة بهذا الشكل، طبعا ليس ذاك ذنبه... تابع المسرحية وهي تنمو من خلال تفاعل الأحداث وتطور الشخصيات من خلال تعقد الحدث، وتلون الحوار بين العاطفي والفكري والاجتماعي على نحو متكامل، لنقل التصور الكلي لموضوع المسرحية  حتى النهاية بحثا عن خيط  رابط بين المشاهد، بل تابع  الجمهور بكل انقباض في كثير من الأـحيان  ما يقصه  أبطال المقص ليخيط الأجزاء  لبناء مشهد واضح  يزيل به غمة الغموض، فتاه بين الوهم والحقيقة فظل الحدث مختلطا مبهما، لتنتهي  المسرحية بأسئلة محرجة ومحرقة : ماذا تعالج المسرحية ؟ جمهور يضحك بناء على لغة الحوار، والحركة فوق الخشبة وإشارات الممثلين، بل يضحك في أحداث لا تتطلب الضحك، ويصمت عميقا  حين يتطلب المشهد الحركة، فازداد توتره  وكل حاضر متتبع شكل مسرحيته الباطنية  التي لا ينقصها إلا مُخرج  ما .

المسرحية فيها  جرعات كبيرة من الجرأة مشهدا ولَبسا ولغة...  فضاعت  رسائل القيم بين أقنعة معقدة انبنت على رؤى  تتطلب التفكير العميق لفهم أجزاء النص المسرحي، المخرج واقف متصلب بين الجمهور يراقب  العرض المسرحي للتدخل في الوقت المناسب، وأحيانا يسكت الجمهور والأطفال الذين حجوا بكثافة  للبحث عن هيكل المقص أو جانبيه الأيمن أوالأيسر، وهم يعبثون بين الكراسي منتظرين الفرج والخروج للفضاء الرحب خارج المركب.

العرض المسرحي كانت رسائله غامضة عند معظم المتتبعين لأن اختيار مسرحية  ذات رسائل  مجتمعية وذات أقنعة متعددة  لابد من قراءة المجتمع واختيار ما يليق وما لا يليق، ومراعاة  شروط المقام، فمعظم الحاضرين اشمأزوا من لبس إحدى الممثلات المكشوف كما اشمأزوا من سلوكيات "الشايب العايب" كما سموه في العرض المسرحي  تجاه الجنس على مرآى الحضور المختلط، في الوقت الذي تربى فيه كل المغاربة داخل البيوت على احترام كل مشيب   في السن واحترام الموتى بدل نعتهم والإشارة إليهم بالإصبع الوسطى (ارْحو) بلغة أهل درعة تافيلالت، وعيب أن نتلفظ بكلمة " قرّانك" التي تمس الأخلاق بكل الجنوب الشرقي  خلافا  في جهات أخرى، والتي  قد تعني ربما الصديق.. وهل لا يمكن أن نعالج الطابوهات باللبس غير المكشوف كليا ؟ وهل بالضرورة " التعري " لنقول إنه الواقع والجرأة ؟

المسرحية نختلف في قراءتها طبعا، المخرج قد يقول لا ذنب لي إن لم يفهم المتلقي العرض المسرحي، والمتفرج الباحث عن الفرجة  قد يقول قد ضيعت أمسيتي في مقص صعب فهم أحداثه، وبين ذا وذاك قيم متباينة وكل له تعليلاته وتبريراته، والسؤال الذي يجب طرحه على المخرج والشركاء هل أدت مسرحية" لمقص" بعضا من وظائفها بالرشيدية ؟ وهل نجحت في معالجة بعض ما سطرته لجنة الاختيار ؟ مقارنة مع عروض مسرحية أخرى كانت رسائلها واضحة والمركب مملوءة حتى  جوانبه ولم ينظم الجمهور المتدفق غير تدخل الشرطة ... هي وجهات نظر خاصة ولن تزيد العرض طبعا إلا نجاحا إذا تمكن المخرج من  تنزيل بعضها في إخراج مسرحيات أخرى وإذا تمكن المشرفون والمسؤولون الذين يبرمجون الأنشطة الثقافية  بجهة درعة تافيلالت من استيعاب   ما يتطلبه الجمهور العريض بالجهة،  فقد تتسبب بعض الأعمال في مسخ أو هدم بعض  القيم الأصيلة  التي تربت عليها الأجيال منذ الأزمان بالمنطقة  ونود لو استمرت   طبعا لتبقى الجهة محافظة عليها  والتي يُفتخر بخلالها كل الناس في كل مناطق المغرب.