زايد جرو – الريصاني / جديد انفو

المدفونة الفيلالية خبز محشو بمكونات بروتينية غنية ومختلفة ،وبتوابل خاصة يتم تحضيرها من " مْعلمين " متخصصين قبل إيصالها إلى أفران تقليدية ، وتمر عبر مراحل بدايتها الاستعداد النفسي قبل يوم السوق وشراء لوازمها ومستلزماتها وانتهاء بأكلها في المقاهي أو نقلها للبيوت على غير العادة الأصيلة بالمنطقة .

أكلها محرق جدا  حيث تجتمع بين الفكين  براكين من الحرارة يلعب فيها اللسان العضلة دور المرطب والمهدئ والمحرك  للغليان من اليمين لليسار ومن اليسار لليمين، فيغدو الفم والشفتان كفوهة بركان  تقذف الحمم والبخار والدخان على الأحباب والجيران  ، ولا قيمة لها طبعا إذا تم أكلها باردة حيث يفقد حشوها لذته، ويجب أن يكون الشاي حارا حارقا أيضا  لتكتمل كل مواصفات اللذة والعذاب ،وتجنب شرب الماء البارد  ما أمكن أو العصائرعلى غير المألوف ، تجنبا لاجتماع المتناقضات، فإطفاء حريق لهب الفم بالماء فيه خطورة على الأسنان والمعدة والأمعاء ....والأجمل فيها  حين تنتهي مهمة  حرب الأكل هو  تمدد الجميع جنبا لجنب ليتخمر الكل ،فيعرف جسمك حركية غريبة من الرأس حتى القدمين ،وهدير وأزيز بأصوات مختلفة في الأحشاء وتسمع التثاؤب من الأعلى ومن الأسفل...  وويل لمن جاورك في التمدد..لكن طعمها متعة حقيقة  ولا تكتمل زيارتك للريصاني سجلماسة التاريخ إلا بالمدفونة  الفيلالية  وزيارة ضريح مولاي علي الشريف، وجولة في السوق التقليدي وإطلالة  قصيرة دون أن تطول  على "رْبَك" لحمير.

المدفونة الفيلالية منتوج محلي لا يوجد إلا في تافيلالت وتسميتها بذلك حسب " لَمْعلمين" بالريصاني أن مكوناتها من اللحم والبيض واللوز والتوابل....كلها تدفن وتكفن  وسط العجين الأبيض كالكفن، ولا يجب أن تظهر هذه المكونات خارجا ،وارتبط صنعها بداية بعمل الحرفيين التقليديين الذين يظلون طول النهار بالسوق وكانت هي غذاؤهم حيث يشتركون في واحدة ولكل واحد منهم جزء  صغير بالتساوي  يشدون به عصب الجوع حتى الرواح للبيت بعد غروب الشمس أو حين تضعف حركة البيع والشراء .

المدفونة تطورت نشأتها من الحرفيين إلى العرس التقليدي الفيلالي حيت تقدم للوافدين من أهل العروسة وتقدم أيضا للعروسين بعد الدخلة مع الأفراخ  المحشوة والبيض فرحا بما فعلوه في الصباح الباكر ليستمر النسل والوُلد والخلف، كما تطور استعمالها لتقدم حاليا في الأعراس التي يعدها  المشرفون على قاعات الأفراح والحفلات لكن لذة ومتعة ومكان الأكل لا تحصل إلا في الريصاني وكلما تجنبتها الحوامل في فترة الحمل لكان أفضل وأصح.

الجانب التاريخي للمدفونة مازال البحث فيه محتشما وضئيلا حيث يهتم الكثير بطريقة الإعداد والتقديم  من اجل التغذية" البطنية" لكن التغذية الفكرية قلّ من يفكر فيها ،وهي دعوة للباحثين في تاريخ سجلماسة أن ينبشوا  في هذا التراث كما نبشوا جماجم الموتى في الحفريات ب " لَمْرادم" زمن السبيعنيات.

الإقبال على المدفونة في رمضان ضعيف وحسب تصريح " لمعلم عبد الهادي" صاحب فرن تقليدي  بالريصاني" قال : المدفونة آكلة خاصة بتافيلالت وهي غنية بمكوناتها لكن الإقبال عليها ضعيف في رمضان حيث يرتبط استهلاكها بأيام السوق خارج رمضان ، لكن حاليا نعدها حسب الطلب" وفي لقاء مع الباحث في التراث السيد علوي بن شاد، قال : المدفونة الفيلالية إرث مادي ولا مادي في تافيلالت خصوصيتها أنها من صنع الرجال ولا تكتمل زيارتك لتافيلالت  إلا بها".

المدفونة و لحم أفراخ الطير ولملوخية والتمر ، والقصورالعتيقة  وحسن الخصال والخلال ، وتجويد القرآن  بطريقة خاصة،أمور لن تجدها إلا عند أولاد تافيلالت ،أولاد مولاي علي شريف ،والذي لم يذق طعم المدفونة المصنوعة من أفران الريصاني فموته أفضل من حياته كما يقول" وَزّونْ "وحلقة غذائه طول عمره ظلت ناقصة وغير مكتملة ونتمنى له طول العمر حتى يذوق طعمها المميز ليتمدد عمره ولو لبعض الوقت.

وإليكم طريقة الإعداد: