أحمد بيضي - خنيفرة / جديد انفو

من المرتقب أن تعلن “التنسيقية المحلية لمناهضة الغلاء وتدني الخدمات” بخنيفرة، عن طريقة الرد السلمي على مظاهر التضييق المتكرر التي تتعرض إليها، على حد مصادر منها، إذ بعد محاصرة وقفة الفاتح من يونيو 2017، عادت ساحة 20 غشت بخنيفرة، لتشهد حركة احتجاجية شعبية حاشدة، تلبية ل “نداء المسيرة الشعبية” التي دعت إليها هذه التنسيقية، ضمن سلسلة برامجها المسطرة، إلا أن الشكل الاحتجاجي تمت محاصرته بطوق أمني مشدد لقوات الأمن والقوات المساعدة والتدخل السريع وعناصر السلطة المحلية، ما رفع من درجة غضب المحتجين وجعلهم يتمسكون بتنفيذ مسيرتهم المقررة، ومحملين رؤوس القوات العمومية مسؤولية أي انفلات محتمل، بينما شوهدت عدة سيارات لهذه القوات وهي مصطفة بشارع محمد الخامس، في إنزال أمني سافر، بينما حمل عدد من المحتجين شموعا مضاءة كعنوان لما وصفوه بالظلمات التي تلف حقوق الإنسان.

 وكان للقوات العمومية رأيها الصلب من خلال التزامها بما أملي عليها من أوامر، حيث استعملت مكبر الصوت في تحذير المحتجين من الزحف إلى الأمام، أو تنفيذ مسيرتهم، بدعوى عدم حصول المسيرة على الترخيص، قبل تقدم القوات العمومية لتشكل حاجزا في وجه هذه المسيرة التي تقدمتها مكونات التنسيقية التي عادت فأعلنت عن الاكتفاء بالمكوث وسط الساحة في رسالة واضحة حول سلمية وحضارية الشكل الاحتجاجي الذي لا يتجاوز مطالب عادلة ومشروعة من أجل الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية والعيش الكريم، وكم كاد موقف القوات العمومية أن يخلع السلمية عن الشكل الاحتجاجي لولا عناصر التنسيقية المحلية التي احتوت الوضع بتعقل كبير.

ووسط العشرات من الشعارات والهتافات التي لم تتوقف حناجر المحتجين عن ترديدها، عرفت “المسيرة الممنوعة” عدة مداخلات لأعضاء من التنسيقية المحلية، حيث عبرت الأولى عن استنكارها الشديد للمقاربة الأمنية التي يجري في إطارها التعاطي مع القضية الاجتماعية للشعب، مستعرضة الفساد العارم الذي ينخر البلاد على كافة المجالات والقطاعات، إلى جانب استفحال مظاهر نهب الأموال والثروات على يد رموز الفساد، في حين تناولت مداخلة ثانية حالة المياه الصالحة للشرب ومشكل ملوحتها ورداءتها بإقليم كخنيفرة يزخر بثروة مائية هائلة وبأكبر خزان مائي، فضلا عن الشبهات التي سادت ما يتعلق بمخطط المغرب الأخضر وأوراش التنمية البشرية وبرنامج تأهيل المدينة.

ومن جهة أخرى، تناولت باقي المداخلات ملف مافيا العقارات وترامي الدولة على عقارات قبلية من قبيل “الكورص” و”تيدار زيان” وغيرها، في الوقت الذي يعلم فيه الجميع بفضيحة ما سمي بخدام الدولة، كما لم يفت مداخلات أخرى التركيز على مطالب التنسيقية واستنكار انعدام الشفافية في التسيير، وتدهور الخدمات الإدارية، وتردي البنيات التحتية، وغلاء المعيشة والمواد الأساسية وارتفاع فاتورات الماء والكهرباء، والتهميش والإقصاء، وانتهاك الحقوق، إن على مستوى الاقتصادي أو الاجتماعي والثقافي والتنموي، وتواصل مظاهر الإفلات من المحاسبة والعقاب، بينما جدد آخر حاجة الإقليم لنواة جامعية وتجهيزات طبية وفرص لتشغيل المعطلين واحتواء البطالة المتفشية.

وصلة بالحدث، تطرق متدخل آخر للوضع الصحي المتردي، والذي يشكل نقطة سوداء بالنسبة لجميع السكان، مع الإشارة إلى حادثة السير التي وقعت بآيت إسحاق، وأودت بحياة 14 شخصا، وكيف زادت ففضحت الوضع الصحي أكثر فأكثر، وبينما أعلن ذات المتدخل عن تمسك التنسيقية بالاستمرار في معاركها الاحتجاجية السلمية والمشروعة إلى حين تحقيق المطالب، وعن حجم المشاكل التي تتجاوز مشاكل الحسيمة، حمَّل عامل الإقليم كامل المسؤولية وراء ما يشهده الإقليم من احتقان بسبب عدائه للاحتجاجات، والذي انتقل فيه من منع الحركات الاحتجاجية أمام مقر العمالة إلى منعها من كل التراب الإقليمي، ومنها مسيرة التنسيقية المحلية.

وقد اختتمت “المسيرة الممنوعة” بكلمة لممثلي أسر العمال المعتصمين بمناجم عوام، والتي استعرضت معاناة العمال المنجميين، داعية الجميع للوقوف ضد ما يحاك ضدهم من مؤامرات وجبروت واستغلال، ومحملة السلطات المعنية مسؤولية ما ستؤول إليه الأوضاع بالمناجم المذكورة، ذلك قبل تتويج الشكل النضالي بكلمة ختامية تم فيها التنديد بتهرب السلطات المخزنية من التحاور مع مطالب الشعب، واعتبار ذلك أمرا لن يزيد إلا من توسع رقعة الاحتجاج على كامل التراب الوطني، وما ينجم عن ذلك من عواقب لن يتمكن أحد التكهن بعواقبها.