زايد جرو  -  الرشيدية / جديد انفو

المتتبع مساء يوم الاثنين 5 مارس 2018 لأشغال الجلسة الأولى للدورة العادية لشهر مارس المنعقدة بالرشيدية  لمجلس جهة درعة تافيلالت يشده الحنين للعصور التاريخية و الادبية خاصة  العصر الاموي الذي انتقل فيها الصراع من السياسة والحزبية للأدبية  والشعرِية  حيث سخر كل حزب شاعرا له  يغزل من الأشعار ما يدمي  الخواطر، ويفسد البين بين المؤيدين لذا أو المعارضين  لذاك، فهذا  "جرير"  يغرف من بحر وذاك "الفرزدق"  ينحت من صخر، وذاك "الاخطل " يدعو للحق الالهي في الخلافة الاسلامية، فلا نكاد نلمس الصدق المتلون بالمنافع، فاتسم العصر بنعرات سياسية ومعنوية واخلاقية مقيتة ضاعت معها مصالح الامة .

فاللقاء بالمجلس الذي كان المتتبعون  والساكنة   تنتظر بركته  لبرمجة مشاريع تنموية لتخليص  الجهة  "المغبونة " من كل شيء : الفقر والتهميش وفتح الافاق الواعدة للاستثمار، كان اللقاء للغسيل والفرك امام وجوه نيرة  لها  همة وشان ومقام ومكانة، ولم يرق مستوى التخاطب الى مستوى التطلع والانتظار، التجريح والوعد والوعيد والضرب على المكاتب وكل يقاطع الآخر بالنبش في الامور الشخصية التي لا تخدم لا الجهة ولا الساكنة ولا المجلس ولا الحزبية ولا  معنويات الاشخاص ذواتهم.

سبحان من أعاد التاريخ القهقرى قرونا ودهورا، وعدنا للتاريخ الاسلامي القديم في العصر الاموي بالرشيدية فهذا يطلب من المتدخلين  بعض الاستحياء  والتلويح علنا  بالإدانة  ابتدائيا واستئنافيا ونقضا وإبراما، والآخر يتهم الأول بذبح القانون بعد ساعات من الجدال والنقاش والأخرى " تطبل على الطاولة  كأنها في عرس للاقارب ..." فتعرقلت أشغال  الجلسة الأولى للدورة أمام عيون  جاحظة ومندهشة.

طالب السياسيان بمناظرة على مرأى ومسمع العامة، وبالنقل المباشر، فذكرنا الطلب ايضا بالعصور التاريخية والادبية في زمن المناظرات، والكل يتذكر ما قرأه حول  مناظرة "السيف والقلم " فحين اجتمعا  ودار بينهما نقاش مرير، والناس من حولهما، وكل منهما يفاخر بنفسه ويمدحها ويفضلها على خصمه، حتى كادت أن تنشب بينهما معركة حامية  فقال القلم: أنا أفضل منك أيها السيف، ولا تغتر بطولك وثقلك، فرد  السيف مستهزئا : لو هويت عليك لقطعتك إربا إربا، بماذا انت افضل مني؟ وتستمر المناظرة بشكل مشوق بين سلاحين خطيرين على الامة.

 دورة المجلس حسب المتتبعين وحسب الحاضرين بينت خللا ما، فوق الحزبية، وفوق السياسة، تجعلك تشك في الصدق وعدمه بين اعضاء المجلس، فهل تصالح المتناظرون من جديد، وعانق بعضهم بعضا ؟ فإن حصل ذاك  حقا  فالأمر له تفسير واحد هو خبرة السياسيين المجتمعين في اتقان اللعبة السياسية كما أتقن شعراء النقائض اللعبة السياسية والشعرية في العصر الاموي ولنستمع من جديد لبعض مشاهد اللقاء.