أحمد بيضي - جديد انفو / متابعة
عادت "التنسيقية الوطنية لقدماء العسكريين والمحاربين غير المستفيدين من الدولة" إلى دعوة المنتسبين إليها للمشاركة في الوقفة الاحتجاجية التي نُظمت بالعاصمة الرباط، والاعتصام أمام مقر البرلمان، احتجاجا على ما وصفته التنسيقية في مراسلة لها ب "انعدام الشفافية والوضوح في ما يتعلق بالتعامل مع الوضعية الصعبة للمنتسبين إليها وملفاتهم العالقة"، حيث قامت التنسيقية بإشعار كل من والي جهة الرباط والمفتش العام للقوات المسلحة الملكية ورئيس المكتب العام، بإصرارها على العودة للاحتجاج ردا على مظاهر الاستخفاف بملفها المطلبي، ولم تمر الوقفة الاحتجاجية بسلام من خلال مواجهتها بتدخل أمني عنيف.
وقد سجلت حالات إغماء وإصابات في صفوف المحتجين الذين كانوا يعبرون عن مطالبهم بشكل لم يخرج عن نطاق التظاهر السلمي المنصوص عليه في القوانين الوطنية والمواثيق الدولية، ذلك قبل دعوة المنسق الوطني، عبدالسلام الباز، رفقة اثنين من أعضاء مكتب التنسيقية، عبدالإله معزي ومحمد شعيرة، إلى اجتماع عقد بمديرية الحسن الثاني لقدماء العسكريين مع بعض القيادات الممثلة للأمن العسكري، حيث تم الاستماع إلى مطالب التنسيقية في محضر رسمي، قبل مطالبة ممثليها إخبار المحتجين ب "أن دراسة الملفات قيد البحث والتحري"، وفعلا تم إبلاغ المحتجين، المرابطين حينها أمام مجلس النواب، بفحوى اللقاء مع تلاوة بيان تم فيه التنديد الشديد بالتدخلات الأمنية العنيفة.
وأكد مصدر مسؤول من التنسيقية أنه عقب وقفة احتجاجية نظمتها التنسيقية، يوم 17 يوليوز 2017، تم التواصل إثرها مع مكتب التنسيقية من طرف ممثل مديرية مؤسسة الحسن الثاني لقدماء العسكريين والمحاربين، وبعض الضباط السامين، وتم التداول في شأن الملف المطلبي بجميع حيثياته، والذي اعتبرته مختلف المؤسسات الحقوقية والتشريعية والتنفيذية، في ردودها، بأنه من اختصاص المؤسسة العسكرية، وعلى خلفية "لقاء المديرية" تم الخروج باتفاقيات قررت التنسيقية بموجبها تعليق كل أشكالها الاحتجاجية على أساس منح المؤسسة العسكرية مهلة كافية لدراسة مطالبها وملفاتها، وبعدها صدرت أوامر للمديرية ومندوبياتها الإقليمية بإجراء بحث اجتماعي حول أفراد الشريحة المنتسبة للتنسيقية، لتظل الأمور عالقة دون جدوى، حسب مصادر من هذه التنسيقية.
وكانت "التنسيقية الوطنية لقدماء العسكريين والمحاربين غير المستفيدين من الدولة" قد أبرزت، في بلاغ لها، أن قرار "الاستراحة" جاء من باب أخلاقيات مبادئ الحوار المتوج بحسن النوايا، مع التزامها بكل ما تم الاتفاق عليه، مقابل احتفاظها بحق التظاهر السلمي إلى حين تحقيق المطالب العادلة والمشروعة لمنتسبيها الذين يعانون الإقصاء والتهميش والحيف، مجددة ما يفيد ضمها ل "شريحة عسكرية" ضحت بالغالي والنفيس من أجل وحدة الوطن لتجد نفسها من دون معاش ولا تغطية صحية أو تعويض عن عشرات السنين التي قضتها في صفوف الجيش، وقد فات للتنسيقية أن نظمت سلسلة من المعارك الاحتجاجية أمام مؤسسة الحسن الثاني للأعمال الاجتماعية، قبة البرلمان، مكتب الأميرة للا مريم وهيئة الأركان بالرباط.
وتؤكد التنسيقية في كل مرة أن نضالاتها السلمية هدفها فقط المطالبة بالحقوق المادية والمعنوية لمنتسبيها، وتفعيل قانون 34.97 المتعلق بقدماء المحاربين والعسكريين، مع فتح ما يلزم من التحقيقات الجديد في شأن وضعية الجنود المطرودين دون موجب حق ولا محاكمة عادلة، سواء عسكرية أو مدنية، حسب المعنيين بالأمر الذين يشددون على ضرورة تسوية وضعيتهم الإدارية وتعويضهم عن الضرر الناجم عن عملية الطرد التعسفي التي زجت بمصيرهم في التشرد والضياع، والحرمان من أي تعويض أو معاش عن سنوات الخدمة.
وبعد أن التأم المعنيون بالأمر في سلسلة من اللقاءات، تم التفكير في تشكيل إطار قانوني يُعرِّف بقضيتهم ومعاناتهم طالما أن لا احد يتكلم بلسانهم واسمهم، حيث تم تأسيس التنسيقية في جمع عام أسفر عن تكوين ملف قانوني تم تبليغه، عبر مفوض قانوني، للسلطات الإدارية في الرباط التي رفضت القبول بالإطار بدعوى أن حملة السلاح سابقا لا يسمح لهم بذلك، لتتوجه التنسيقية بملفها للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، بصفته الدستورية، ليتضح لها، بعد سنتين من الحوارات، أن هذا المجلس غير قادر على التدخل في موضوع مطالبتها بالحصول على وصل الإيداع، بدعوى عدم الاختصاص، وذلك تزامنا مع تقدم التنسيقية بملفها لدى المحكمة الإدارية.
وكان موضوع وضعية قدماء العسكريين أن بلغ قبة البرلمان، في سؤال كتابي، حيث أسرعت إدارة الدفاع الوطني إلى إجابة النائب البرلماني، صاحب السؤال، (تحت رقم 5194/ 2014) بما يفيد أن "أفراد القوات المسلحة لا يتم فصلهم من الخدمة إلا في حالة ارتكابهم لأفعال خطيرة تتنافى وقواعد الانضباط العام الموافق للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل في هذا الشأن"، مع تأكيد ذات الإدارة "أنها تبقى على استعداد تام لدراسة أي حالة قد يكون فيها أي حرمان أو مساس بالحقوق المخولة للمعنيين بالأمر"، وذلك قبل دخول التنسيقية في التواصل مع بعض الأحزاب السياسية والهيئات الحقوقية ووسيط المملكة، من دون أي جديد مثمر.
وسبق للمنسق الوطني، عبدالسلام الباز، أن صرح لجريدتنا أن "كافة الضحايا لم يعثروا على السبيل الكفيل بحل هذه المعضلة، وغالبيتهم تجاوزوا العقد الخامس من العمر، ويحملون عاهات وأمراض مزمنة، ويتخبطون في التهميش والإقصاء والظروف المعيشية الصعبة، وهم لا يتوفرون لا على معاش ولا تغطية صحية، ولا في خدمات مؤسسة الحسن الثاني للأعمال الاجتماعية، ولا استفادة من التشغيل المخصص لأبناء قدماء المحاربين والعسكريين، ولا حتى أدنى تعويض عن عشرات السنين التي قضوها دفاعا عن الوطن وفي المعارك التي دارت رحاها بأقاليمنا الجنوبية"، حيث تنكر لهم الجميع، يضيف الباز، بمن فيهم الهيئات والإطارات المدنية والحقوقية، رغم أن لا نية لهم في تشويه سمعة الوطن بل يطالبون بحقهم في الإنصاف والكرامة والعيش الكريم، وهم رهن إشارة الوطن على الدوام.
الصورة من وقفة احتجاجية لقدماء العسكريين والمحاربين بالرباط