زايد جرو - سعيد وعشى - الرشيدية / جديد انفو
جبل افردو بمدخل مدينة الرشيدية من جهة كولمية هو جبل شيخ او كدية هرمة جللها الوقار من سحيق الدهور، اعياها الانتظار، فتسطّح أعلاها بفعل تكالب اصناف التعريات: الرياح العاتية والأمطار الهزيلة والثلوج القلية حين يجود الزمان ، احمرت جفون الجبل احمرارا من لسعات وضربات الشمس الحارقة وهو صبور منطو ومنعزل ومعزول وحيد وشاهد على احوال العباد ببلاد قصر السوق العامرة ، يحرس العابرين كما حرس ابو الهول مصر المحروسة وهو يطرح أسئلته الثلاثة على العابرين باحثا عن جواب صحيح او قريب من الصحة ، كم من مار غير عالم بالتكوين الجيولوجي تساءل عن تسطح اعلاه حتى بدا مائدة ضيوف طويلة ، وكم من باحث عن نشوة الليل من احفاد اوديب المبصرين تستر خلفه في جنح الظلام ، وكم من مطاردة حدثت على حوافه ،وهو الحكيم الصامت ، لا ينبس بذنب ولا بجرم ، وهو ستار للعيوب ،ستر الله عيبه وعيب المسلمين أجمعين كما يردد الامام يوم كل جمعة.
دارت من حوله زراعة المجهول وبعض النسيم من حين لحين يهب من الاخضرار المؤقت بجوانبه وهو غير آبه بالزمن، فربما اعياه الانتظار وطال عمره وسيبقى من الأوتاد التي خلقها الله حتى يشاء ...ذات يوم أحياه بعض الغيورين بموسيقى الصحراء أسفل قدمه فلم يرضِه الأسفل ولا الانكسار في زمن العز والشموخ ،ولم يكتب لهم الاعتلاء للأعالي ، فبقي ذاك الأسفل ملعبا للفنانين وذوي الأجنحة القصيرة ،ولم يطرح الجبل كبرياءه بعد على مر الدهور وبقيت القمة الشماء للنسور تجول فيها وتفرخ وصوتها يجلل السماء، ويكحل ريشها المنثور جفن النجوم بين مواكب سحب تتهاوى في الأفق المسحور، وبقي افردو الذي يعني " المهراز " باللغة الامازيغية وحيدا حكيما هادئا شامخا.
السكون السلبي لن يدوم للجبل كثيرا وطويلا وستتحول اعاليه لمنتجع سياحي او لخشبة مسرح وستغدو الرشيدية المركز قريبة ببعدها ،وبعيدة بقربها ،قريبة ببعدها اذا تحقق الانجاز وبعيدة بقربها اذا استحال وتعذر .
المشروع التنموي فوق افردو الذي خطط له الشوباني رئيس مجلس جهة درعة تافيلالت حقا فكرة "جهنمية " بالمفهوم الايجابي طبعا ،لم تخطر لإنس ولا للجَان على بال منذ غابر الازمان ،وبإمكان الفكرة ان تحول الرشيدية الى قطب فني منافس لمدينة ورزازات هوليوود الجنوب الشرقي ،مضمون الفكرة الإبداع هو تحويل قمة افردو الى خشبة مسرح شبيهة بمسرح الرومان : حلبة العرض في الاعلى ومن حولها المقاعد ومن جوانبها المصاعد وستصبح الحلبة صالحة للعروض الفنية بأشكالها وسنعيش عصر الرومان وسنكون في قرطاج او في اليمن او في وليلي ونحن في قصر السوق .المتفرجون سيطلون على المدى البعيد في الزمن، وهي فكرة ستضفي الكثير لمدينة الرشيدية تنمويا وثقافيا وسياحيا وسنعتز بدورنا ان كتب الله لنا البقاء لنعيش هذه اللحظة بجهتنا وسنردد بالهتاف ونلوح بالمناديل : لقد هرمنا من اجل هذه اللحظة التاريخية.
الفكرة تم عرضها ضمن تد خل ل لحبيب الشوباني خلال الدورة 11 للمجلس الاداري للوكالة الحضرية الرشيدية ميدلت المنعقد الاسبوع الاول من ماي الجاري بالرشيدية وهي فكرة بدت للبعض بعيدة المنال وهي ليست بعزيزة حين تحضر العزائم ، فعندما تتلاقح الافكار تزداد اتساعا ونموا ، والكل واثق من نجاعة الافكار حين يساهم بعضها في انبات البعض الاخر ، فالجميل يبقى جميلا ،والقبيح يبقى قبيحا ،ولا يختلق الاقوام في الرأي الا من كان في منزلة البين بين ،فلا هو بالجميل ولا هو بالقبيح ،والامل كبير أن تترجم الفكرة واقعا ملموسا حيا قبل ان يرمي بنا الزمن بين اللحود.