محسن الأكرمين - مكناس / جديد انفو

أطلقت جماعة مكناس استشارة عامة موجهة إلى الساكنة المكناسية ، تفيد في سند صورها إبداء الرأي حول مشروع التهيئة الحضرية لشارع الجيش الملكي، وذلك قبل إطلاق الصفقات المتعلقة به. هذه الاستشارة تم حصرها في" الجوانب التقنية المتعلقة بتهيئة الشارع، خصوصا المدارات الجديدة المزمع انجازها، وتهيئة قارعة الطريق والأرصفة، وتهيئة ممرات الراجلين، وممرات للدراجات ...، والأثاث الحضري، والغراسة والتشجير، وأعمدة ومصابيح الإنارة العمومية"، وقد تم فتح حساب اليكتروني contact@meknes.ma لتفريغ كل "ملاحظات حول هذه التهيئة، قبل متم شهر يونيو 2018، قصد الاستئناس بها...".

هي الألفاظ المضغوطة بقوة الدلالة في الاستشارة الاليكترونية، ألفاظ تتحف المتلقي أن فعل التواصل حاضر بين الجماعة و الساكنة، وأن العلاقة بين الساكنة والجماعة هي علاقة تشاركية تكاملية في إنجاح جميع المشاريع المبرمجة، لكن ختم دلالات اللفظ تقزم فعل الاستشارة إلى حد " الاستئناس بها " فقط.

حتى لا نبخس يد الجماعة من حسنات وخيرات بركة الشهر الفضيل، وحتى يكون للساكنة أجر الرأي السديد في برنامج التأهيل الحضري المندمج لمدينة مكناس وشارع الجيش الملكي على وجه الخصوص. وحتى نتجاوز الحمولة السلبية  " الاستئناس بها " من جانب المورد الشعبي (شاورهم وما ديرش برأيهم)، نشارك برأينا المفتوح حول آفاق التنمية المجالية بمدينة مكناس.

رأينا يرفع من سهم مدينة مكناس إلى مصاف المدن المغربية التي شدت بقوة على بناء تنمية مجالية بالتفاعل والخطط الإستراتيجية المدعمة من قبل المركز، رأينا يستهدف المستقبل بخلق "مكناس المدينة الذكية"، هي الرؤية التي تتجاوز المعيقات المادية لانجاز برنامج تأهيلي سليم عبر الدق بالتكرار و الإلحاح على بوابات جلب المال العام لمدينة مكناس، وهو الدور الموكول إلى رئاسة مجلس الجماعة، و أهل الحل والعقد بالمدينة.

إن " تحسين إطار عيش الساكنة المحلية..." لن يتم فقط في سد الخصاص القديم والمزمن من نواقص التأهيل، لن يتم في خلق "ممرات للدراجات لأول مرة بمكناس"، لن يتم في هيكلة تتحكم فيها رؤية تحسين جماليات "الأثاث الحضري، والغراسة والتشجير، وأعمدة ومصابيح الإنارة العمومية..."، بل يجب أن تتحكم فيها الجودة المستديمة، تتحكم فيها رؤية شارع الجيش الملكي في أفق 2050.

فحين تقوم الجماعة بهيكلة الشارع و إبراز مفاتنه الجمالية فلا بأس من الأمر ونستحسنه بالمطلق، لكن حين يتطلب نفس الشارع التفكير في تأهيله بعد مرور سنوات معدودة  فإن ذلك من ضياع الجهد والمال و غياب الحكامة الرشيدة. نعم قولنا يستند بغياب الأجنحة الطرقية الخارجية الممتصة لضغط المركبات والتي ستبقى لزوما شارع الجيش الملكي السبيل الوحيد والأوحد للمرور ومرور المركبات الكبرى، ستبقى المشكلات القديمة قائمة في مداراته وحاضرة بعد التأهيل، ستبقى محدودية انسياب سيولة المركبات لا ترقى إلى التخفيف الكلي من ازدحام أوقات الذروة.  فحين تحصر استشارة (الاستئناس) رأي المواطن المكناسي فيما هو شكلي وجانبي، فأي استشارة تفاعلية هذه؟، أية مقاربة تشاركية تبتغيها جماعة مكناس؟.

رأي الساكنة جمعاء في تنمية تفاعلية شاملة وعادلة لكل مناحي المدينة الأربعة، في تنمية تطوح برأي" قضي وسلك... ومن بعد يحن الله" إلى تحرير مكناس من وضعية الركوض نحو ثورة مجالية مندمجة تضاهي مدنا أحسنت في اختيار مدرج الإقلاع ، إلى مدينة تفكر في المستقبل و الانتقال إلى صنف المدن الذكية، إلى مدينة تتجاوز المدارات التقليدية و أضواء تنظيم المرور نحو مدارات الأنفاق والقناطر.

هي مكناس التي لا زالت تستنسخ تأهيل مجالها الحضري برؤية تقليدية و كفاف الرؤية الإبداعية، هي مكناس التي تبحث عن " توفير منظومة متكاملة من التجهيزات الحضرية والمرافق الثقافية..." عبر تخمة من المهرجانات و منصات الحفلات، هي مكناس التي يجب أن تدعم من قبل الدولة وحضور نصيبها من المال العام كمثيلاتها من مدن الشمال والساحل. لن تسحب ملاحظاتي من أسباب تنزيلها تهيئة شارع الجيش الملكي و أترك للقارئ التفكير في حلم مكناس كمدينة ذكية .