زايد جرو - الرشيدية / جديد انفو

حظ الجنوب الشرقي في اليقظة من الحياة  كحظه  من الأحلام في المنام ، ففي الشتاء  يلسع البرد القارس أقدامك   ، وتدمي  التشققات   أياديك فتتلفع  بالثقل الثقيل من الأغطية وبالكاد تتنفس، فتصعد من بطن الأغطية الصوفية حرارة محتشمة  يقلل حياءها البرد المتسلل من الشقوق من كل الجوانب ... نوم متقطع ورياح صرصر عاتية  يخيف عويلها الكبار والصغار، فتدرف السماء دموعا هي كاللؤلؤ وتتلقفها الأرض اليباب، او تسقط كمية من الثلوج الكثيفة بالأعالي فتنحبس  الدراسة لأيام ،وتُحمَل الحوامل على النعوش، وتهوي  الشاحنات في المنحدرات وبعمق الأودية  فتتقاطر الأحذية  المتآكلة و"الخرداوات" تعاطفا مع منكوبي البيوت الطينية الذين تتهافت عليهم الهواتف الذكية وكاميرات عشاق جمع الصور لإشعال فتيل المواقع الاجتماعية بالمشاهد النادرة .

الصيف يحل مبكرا وتشتعل الحرارة  قبل الشروق فتحمل معها حرارة مكان آخر لتشعل الفتيل طول النهار، الساكنة تعيش بعض الرطوبة قبل الشروق بقليل  وبعد منتصف الليل لساعات قليلة ، وجميع المخلوقات من الزواحف والعقارب والنمل و"الخنفوس" والذباب  والناموس   يبحث عن الندى للتمدد ... وكل ما يخيف أهل المدن  فهو مألوف وعاد بالجنوب الشرقي .

وقد تداول "الواتسبيون " والمواقع الاجتماعية هذه الأيام صورة لن تجدها  لها مثيلا  إلا بالجنوب الشرقي،هم ضحايا الحرارة ليلا حيث يظهر التكافل في كل شيء : النوم  المختلط  بين  مختلف الالوان والاشكال والاحجام من البشرية  بالسطوح  فيسرق جفنهم العياء وتأتيهم سِنة خفيفة  يتلذذون بها لبعض الوقت   ليصحوا فيجدون أنفسهم  في عناق حار ..رِجْل مسافرة من مكان لآخر ويد تلطم وجهك وشخير وزفير وروائح المؤخرات بالصوت و"الفيبرور" وقدم احد الجيران تخبش وجهك فتستيقظ مذعورا  ثم تعود للتمدد من جديد لتحسب نجوم السماء وتراقب تحكرك الشهب التي تحرق الشياطين الجواسيس المتنصتين على الملائكة في اجتماعاتهم السرية الخاصة.

مختلف الزواحف تمر احيانا بجانبك مرة تقتل بعضها ومرة تنفلت منك، فتوقظك مرغما  في الصباح  قبسة حارقة من  اأشعة الشمس  بعد ليل  طويل من العرق والناموس وتصحو على ذباب "ملصاق" وملحاح يمد  خرطومه الطويل حتى أعماق انفك  فتعطس بمختلف النغمات فتطير  كتلة  سوداء من مخزون انفك  للبعيد منك  ،والكل يتناوب على  كوب واحد ووحيد من الماء  والمصنوع من  لبلاستيك البني والذي تزكم انفك رائحة المرق التي التصقت به من قبلات المتناوبين  ويتم شحنه بماء  دافئ  من "بيدو مخنش " بجوانب المصففين على السطوح.

الحل عند الكثير من اهالي تافيلالت  هو الهروب لميدلت او لأماكن  باردة  وحسب أهالي" الوات ساب "  فكلفة الخطوبة او الزواج بدرعة تافيلالت لا تكلف كثيرا  في الصيف ،فالعروس غالبا ما تطلب كصداق هو" كليماتيزور"  او " رواحة  كهربائية " او بيت في" لاكاب" اوتشترط على العريس في مؤخر الصداق قضاء العطلة الصيفية مدى العمر بميدلت.

 

 

 

هي دعابات  "أبي الصيف " على وزن أبي دُلامة تداولها الأحبة والأهالي، و يبقى دفء العلاقات والعيش الجماعي بالجنوب الشرقي له نكهته الخاصة، ورغم البرد ورغم الحرارة ،فالساكنة درجة وطنيتها عالية وهي  صامدة  صبورة وذات قلب رحب ومتمسكة  بارضها وعاداتها حتى الموت ولا على لسانها غير الحمد والشكر والترحيب .