أحمد بيضي - جديد أنفو / متابعة

 حالة من السخط والاستنكار الشديدين تسود عدة أوساط شعبية وثقافية وحقوقية بالقرية الفوسفاطية سيدي أحمد، إقليم اليوسفية، بعد المنع المفاجئ لعرض فيلم “كهوف الذهب الأسود” الذي تمت الدعوة لمشاهدته، مساء يوم السبت 25 غشت 2018 على حائط إحدى البنايات التي كانت عبارة عن قاعة سينمائية منذ فترة الاستعمار، وكان اخر عرض سينمائي بها يعود إلى سنة 1966، ليأتي اختيار موقعها من طرف المنظمين بدلالات رمزية حاملة لأبعاد فنية وتاريخية، ورغبة واضحة في ترسيخ ثقافة سينمائية بين شباب المنطقة الغنية بثروتها الفوسفاطية، المهمشة في حياتها العامة.

وصلة بالموضوع، أفادت مصادرنا أن المنظمين من شباب المنطقة قاموا بكل الاجراءات اللازمة لعرض الفيلم السينمائي، وبينما كانوا يحضرون للعرض، فوجؤوا باستدعائهم من طرف السلطات المحلية قصد الحضور للقيادة، وتم إبلاغهم بعدم السماح لتنظيم نشاطهم السينمائي، ما أثار دهشة هؤلاء المنظمين، وخلق ردود فعل قوية لدى الرأي العام، تلتها مجموعة من التساؤلات حول ملابسات قرار المنع غير المبرر، في حين لم يستبعد بعض المهتمين بالشأن العام المحلي أن تكون خلف الأمر بعض الأيادي الخفية التي لها علاقة بإدارة الفوسفاط غير المتحمسة لتعميم الفيلم نظرا لما يتضمنه من مشاهد وحقائق حول ظروف العمال المنجميين الفوسفاطيين ومعاناة المنطقة.

ولم يمر قرار المنع بسلام، إذ فور تقاطر المدعوين والحاضرين، الذين حجوا بكثافة لعين المكان، وتم إشعارهم بهذا القرار، انتفضوا في تظاهرة سلمية، رددوا خلالها عدة هتافات صاخبة وشعارات قوية تندد بالقرار الجائر وبالسلطات التي أمرت به، كما توجهوا في مسيرة شعبية، في اتجاه مقر القيادة، للاحتجاج والتهديد بالاعتصام المفتوح، رغم الإنزال الذي قام به أفراد الدرك والسلطة، بينما لم يفت المنظمين وصف ما حدث بالاعتداء على حرية الرأي والتعبير، ومحاولة لتقويض طموحات الشباب في الابداع الفني الملتزم بقضايا الشأن العام.

وأمام موجة السخط التي عاشتها القرية الفوسفاطية، دخل مسؤول بالدائرة على الخط، وأكد لبعض المنظمين والفاعلين المحليين، أن عرض الشريط لن يطول منعه، ووعد بالعمل على إعادة النظر في الأمر مع استكمال الاتصالات والإجراءات القانونية، ومن المحتمل أن يسمح بعرض الفيلم خلال الأيام القليلة المقبلة، حسب كلامه، علما أن قرارات المنع من هذا النوع باتت توصف في كل العالم ب “القرارات البالية”، من حيث أن أي شريط تم منعه سينتشر على الأقراص المدمجة، ما يتيح للجميع مشاهدته، وبالتالي سيكون متاحاً عبر الشبكة العنكبوتية وخدمات الاتصال، والمتضرر الأول هو الذي يسبح ب “بطاقة المنع” ضد تيار التحولات والمواثيق.

وتقول الورقة التقنية، أن فيلم “كهوف الذهب الأسود”، هو لكاتب قصته هشام الميموني، وإخراج أشرف راشد ومبارك الزهيدي، سيناريو ومونتاج وتصوير أشرف راشد، وبطولة مبارك الزهيدي، حسين الكيني، رشيد الزهيدي، مصطفى كزيزير، أناس الحجرة وأحمد كزيزيرة، ويؤكد الجنيريك أنه عبارة عن فيلم إنساني من إنتاج شباب القرية في إطار حرية الرأي والتعبير التي يضمنها الدستور المغربي، ويتناول أساسا واقع عمال مناجم الفوسفاط بالكنتور تم تجسيدهم بشخصيات من القرية.