محمد زروال - بني ملال / جديد انفو

نظم المجلس الجماعي لمدينة قصبة تادلة، بشراكة مع كل من مركز معابر للدراسات في التاريخ والتراث والثقافة والتنمية بجهة بني ملال خنيفرة،  والجمعية الجهوية للتراث والتنمية، ووحدة الدراسات في التاريخ والتراث والثقافة والتنمية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ببني ملال، ندوة علمية حول موضوع : تادلة ومجالها، تحت شعار "مقاربة من أجل تثمين التراث المادي والرأسمال الرمزي"، وذلك مساء يوم الجمعة 30 نونبر 2018 بمقر الجماعة الترابية لقصبة تادلة.

تولت الدكتورة سعاد بلحسين مهمة تسيير أشغال الندوة العلمية، التي جاءت بعد جلسة افتتاحية حضرها رئيس جماعة قصبة تادلة والمدير الجهوي لوزارة الثقافة والاتصال و المدير الإقليمي للتعليم ورئيس الجمعية الجهوية للتراث والتنمية و مدير فريق البحث في التاريخ والتراث، كما تجب الإشارة إلى أن الدكتورة بلحسين قد  عقدت لقاء مع والي جهة بني ملال خنيفرة على هامش الندوة، باعتبارها مديرة مركز معابر للدراسات في التاريخ والتراث والثقافة والتنمية بجهة بني ملال خنيفرة، مقدمة له ملخصا لأعمال المركز وفريق البحث.

انطلقت الدكتورة سعاد بلحسين  في تسييرها للندوة من أرضية وضحت فيها أهمية تناول موضوع تاريخ تادلة وتراثها، وبرهنت على راهنيته في ظل التحولات التي يعرفها العالم، من خلال مؤشرات عديدة ،على رأسها الالتفات للتراث اللامادي عالميا بسبب ما يتعرض له من تحديات، قبل أن تعطي الكلمة للأساتذة المتدخلين وفي مقدمتهم الدكتور محمد العاملي، الذي عنون مداخلته  بتادلة ومجالها بين التاريخ الرسمي والتراث المنسي، متوقفا عند أهم المحطات في تاريخ تادلة المدينة والمجال، منذ العصر القديم، راصدا حضورها من خلال نصوص تاريخية رسمية، وقد خلص إلى صعوبة كتابة تاريخ متصل لتادلة لقلة الاهتمام به قديما، ووضح أن التطور الذي عرفه هذا المجال تحكم فيه بنسبة هامة موقعه ضمن المجال المغربي عبر العصور وطبيعة تكوينه الإثني،  كما أشار إلى أن تادلة شكلت منطقة تحقق فيها تراكم ثقافي وحضاري مما جعلها وجهة لاهتمامات الباحثين والمؤرخين، وهذا التراكم في نظر الدكتور العاملي يحتاج المزيد من الدراسة بمقاربات وأسئلة جديدة، تستهدف التنقيب والتوثيق والتوظيف السليم للنتائج للمساهمة في تحقيق التنمية.

أما المداخلة الثانية فقد كانت للدكتور عبد القادر أيت الغازي، الذي ركز  على التداخلات الممكنة بين كل من التاريخ والتراث والتنمية، مركزا على التراث الديني، باعتباره معطى غنيا بمجال تادلة من خلال ما تراكم من ممارسات وطقوس وآثار مادية تشهد على انتعاش الحركة الفكرية في جانبها الديني في العصور السابقة، كما لم يغفل الدكتور أيت الغازي الإشارة إلى الإمكانات التي يمكن للتراث الديني الإسلامي وغيره، أن يحققها للتنمية على المستوى الجهوي، مؤكدا على ضرورة النظر إلى هذا المشروع برؤية استراتجية، تستحضر البعد الزمني والتدرج في تحقيقه.

توقف الأستاذ عبد السلام أمرير  في مداخلة ثالثة، عند خصوصيات المعمار  في المجال التادلي، مركزا على أهمية هذا التراث ضمن عناصر التراث المادي، والإكراهات التي تواجه الحفاظ عليه، خاصة ما يتعلق بضعف الاهتمام به أركيولوجيا، مثلما وضح أمرير طبيعة الوظائف التي كانت لعناصر المعمار بمجال تادلة، خصوصا  القصبات والقناطر، التي كان لها دور دفاعي، والتي تكشف دراسة جغرافيتها وتوزيعها وأشكالها عن رغبة السلطة في الهيمنة والتحكم في المجال، وأكد الأستاذ أمرير أن الحفاظ على التراث المعماري يشكل مسؤولية جماعية تهم المواطنين والسلطات المحلية و القطاعات الوزارية و المجتمع المدني والمنتخبين.

تطرقت المداخلة الأخيرة للأستاذ عبد الله شيفاوي، لموضوع  حضور التراث الجهوي في المنظومة التربوية والتعليمية، وقد قدم في مداخلته خلاصات دراسة جمعت بين البحث في تناول تيمة التراث في الأدبيات التربوية خاصة الميثاق الوطني للتربية والتكوين و الكتاب الأبيض والتي رصد من خلالها التركيز على التراث في بعض المواد و الفصول، و خلاصات دراسة ميدانية استهدفت رصد ما تحتويه المقررات التعليمية، من مؤشرات تراثية جهوية بالاشتغال على المقررات الدراسية بسلك الابتدائي وسلكي الثانوي، وقد خلص إلى القلة في هذا الاهتمام، ووجود تفاوتات واضحة حسب المواد والأسلاك التعليمية.  

اختتمت أشغال الندوة بفتح النقاش مع الحضور الذي حج لمتابعة الندوة من مدينة قصبة تادلة وخارجها، كما  تمت قراءة توصيات، أجمعت على أهمية مثل هذه اللقاءات والتظاهرات الثقافية والعلمية، وحرص المنظمين على المزيد من تنسيق الجهود والتعاون لإعطاء تراث الجهة الغني، المكانة التي يستحقها، وذلك بالاتفاق على مبادرات وأنشطة  في المستقبل القريب.