محسن الأكرمين - مكناس / جديد انفو

لازال الحديث بعيد كل البعد في خلق نقاش محلي صحي حول التفكير في صناعة نسخة ثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بمكناس بتيمة التفرد والإبتكار. لازالت المدينة بحدود نهاية سنة (2018) لم تفتح استشارات نوعية في صياغة رؤية مشروع تنموي استراتيجي جديد يستجيب لتطلعات الساكنة والمدينة تنفيذا للتعليمات الملكية ( النموذج التنموي للمملكة أصبح غير قادر على تلبية احتياجات المواطن المغربي...)، وحث الملك على إعادة النظر في هذا النموذج. اليوم بات فتح ورش مراجعة النموذج التنموي بمكناس ملحا، ويتطلب الشجاعة التامة للقطع مع فجوات التدبير غير العادل لفعل التنمية، باتت المسؤولية السياسية والإدارية و الجماعية تلف العنق لتحقيق عدالة اجتماعية شاملة.

نعم، لازالت الفوارق الاجتماعية بين الفئات حاضرة، لازال التفاوت بين جهات المدينة الأربعة بينة و بدون حاجة إلى مكبر صورة، لازالت تعبئة الموارد الضرورية بمكناس مغيبة لأجل تطوير الرأسمال البشري بالتفاعل مع قضايا الساكنة والمدينة. أول سؤال جامع قبل الشروع في بناء نموذج تنموي مندمج بمكناس على الورق، يتكون من صيغة وقفة تقويم سليمة، هل كانت اختيارات مكناس في مجال التنمية المندمجة صائبة وسليمة؟، هل تم تحقيق الرفاه الاجتماعي و الرخاء المشترك بين عموم الساكنة وشمولية المدينة؟، ما أثر عوائد نسب حصيلة التقدم على حياة عيش الساكنة والمدينة؟.

لن تكون الغاية الفضلى من الوقوف بحزم على بناء صيغة ثالثة للتنمية التفاعلية بمكناس إلا بهدف تحسين الوضع المعيشي للساكنة، وخلق متسع من معادلة الإنصاف وحق عيش الكرامة، و التأسيس لمعطى تكافؤ الفرص في أبعاد التلازم بين الحقوق والواجبات.

هي إذا الرهانات الجديدة التي يجب أن يدشن لها معمل ابتكار لأجل صياغة رؤية توليفية لكل مساهمات القطاعات الحيوية بالمدينة، رؤية تقف بالسبق على نقط قوة النموذج التنموي الذي استهلك تربة منبته بالنفاذ، ثم التفكير في إصلاح الأعطاب التي ركبته من حيث أنه كان نموذجا يستحضر فقط الهم الاقتصادي وتحسين ململح العيش المادي، بدل أن يحمل متنوع رؤية تنموية اجتماعية و اقتصادية حصينة.

هي الأعطاب التي لم يتم تدبير مخاطرها في حينها حتى تراكمت وصنعت لنا قاعدة مستطيلة من الساكنة الشابة بالمذكر والمؤنث و التي لم تستفد البتة من أثر هذا النموذج التنموي الضيق. هنا نتساءل، كيف لنا أن نصنع نموذج جيل ثالث من التنمية بمكناس يمثل الحصرية والابتكار؟. الأمر ممكن التحكم فيه في ظل خلق مشاورات موسعة بالمدينة برعاية أعلى السلطة، من خلال تحرك السلطة المحلية نحو ضبط مدخلاته ومخرجاته، الأمر مقدور عليه في ظل الاحتكام إلى قاعدة حكامة المسؤوليات والمصاحبة الاستباقية، في ظل خلق مساحة الثقة فيه للتخفيف من الفوارق الاجتماعية ولما حتى النوعية، في ظل تجديد صياغة المؤشرات البعيدة (5سنوات) وفق التحولات الاجتماعية والاقتصادية الكائنة والمتوقعة. إذا، هنا نتفق بأننا نريد نموذجا يتسم بالمسؤولية الجماعية في الصياغة بتقدير القرار السياسي وبالموازاة مع القرار الإداري الموجه و الداعم.

حين نتحدث بمكناس عن ترتيب الأولويات فإننا لزاما لن نخرج عن القاعدة المشتركة بربوع المملكة والتي ترتبط بالتعليم والصحة والشغل والحماية الاجتماعية بمعادلة المساواة العرضانية. حين نفكر في مستقبل الجيل الثالث من التنمية التفاعلية بمكناس فإننا نتحدث عن صيانة الكرامة، عن تحسين ظروف العيش، عن توصيف الخدمات الاجتماعية بدون بطاقة راميد، عن دعم الأوساط الاجتماعية في وضعيات هشاشة، وتحسين التمكين من الإدماج الاقتصادي والاجتماعي.

هي مداخل التنمية الاجتماعية التي يلزمها التفكير الجماعي والتخطيط  الاستراتيجي لها، وتوفير السيولة المالية القارة للتمويل. هي سلطة التدبير المندمج والنجاعة التفاعلية لأجل التتبع اللصيق وتدبير محطات المخاطر المحتملة لأسس أبعاد رؤية التنمية الثالثة و البحت عن تمكين الاندماج الاجتماعي والمساواة.