الحوار من إعداد جمال الدين بن العربي(و.م.ع)
 
 قال محمد امراني علوي، أستاذ التاريخ بالأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لدرعة - تافيلالت، إن الخطارات موروث بيئي وثقافي واقتصادي مهم لجهة درعة-تافيلالت.
 
ودعا الأستاذ محمد امراني علوي، في حديث مع وكالة المغرب العربي للأنباء، إلى ترسيخ الوعي لدى السكان بأهمية الخطارات على المستويات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية، والمحافظة عليها كمصدر أساسي لتوفير فرص الشغل لسكان الجهة .
 
وأشار امراني علوي، وهو أيضا رئيس المعهد المغربي للدراسات والتواصل الثقافي بالرشيدية، إلى أن الخطارات عبارة عن مجموعة من الآبار المتصلة فيما بينها بنفق يصرف المياه على مسافات طويلة من مكان تواجد المياه الباطنية في اتجاه الواحة التي يراد سقيها.
 
وأكد على ضرورة العناية التوثيقية بالأعراف المنظمة لتوزيع مياه الخطارات بين السكان وتدوينها بشكل واضح "لكون عدد من شيوخها قد توفوا".
 
وشدد على أهمية مساعدة السكان على صيانة المجاري المائية الخاصة بالخطارات، عبر الحد من حفر الآبار الارتوازية التي تتميز بمستوى عمقها الكبير جدا، مما يؤثر على عيون الخطارات.
 
وأبرز أن ذلك يأتي لكون تقنية الخطارات تعتبر من الأساليب المعتمدة في جهة درعة-تافيلالت لتوفير المياه الخاصة بالزراعة بالمنطقة، وهي من الأساليب الصديقة للبيئة، حيث لا تحتاج لمضخات مائية ولا لمصادر طاقية لرفع منسوب مستوى الماء ليصل إلى المجرى الرئيسي الذي يوصل الماء للحوض الذي يجمع الماء في بعض الخطارات.
 
وأوضح الأستاذ امراني علوي، وهو عضو فريق البحث في اللغة والفنون والآداب بمنطقة تافيلالت، ومختبر الخطاب وتكامل المعارف بالكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية، أن تقنية الخطارات تسهم في المحافظة على المياه نتيجة العمل بتقنية التوزيع المعتمدة على "النوبة"، أو "الطاسة"، مشيرا إلى أن وجود الخطارات بالجهة يساعد على توفير غطاء نباتي مهم يسهم في إيجاد توان ايكولوجي بالمنطقة.
 
وذكر بكون جهة درعة-تافيلالت من أهم الجهات المغربية شساعة من الناحية المجالية، وتتميز بغناها الثقافي والطبيعي، إذ تجمع بين الجبل والصحراء والسهل، وكذا بين النهر والبئر والعيون المنتشرة في عدد من مناطقها.
 
وأضاف أنه يرجع تاريخ اعتماد نظام الخطارات إلى القرن 16 الميلادي و"نظرا للطبيعة المناخية لجهة درعة-تافيلالت الشبه الصحراوية، فقد ركز سكان المنطقة على اعتماد المياه الجوفية كأساس لأنشطتهم الزراعية، لذلك نجدهم يحاولون القيام بعملية حفر آبار العيون الخاصة بالخطارات بشكل دائم، خصوصا في السنوات التي لا تعرف فيها الجهة تساقطات مطرية".
 
وأكد أن تقنيات الخطارات منتشرة بشكل كبير في جل مدن الجهة، "لكن عرفت بعض الخطارات خلال سنوات الجفاف الأخيرة نوعا من الصعوبة في عملها، وذلك رغم المجهودات المبذولة من قبل السكان لإنقاذها، وإعادة الحياة إليها"، مذكرا بمساهمة عدد كبير من الخطارات في توفير إنتاج زراعي مهم للسكان.
 
واعتبر أن الهاجس المسيطر على سكان درعة-تافيلالت، وعلى الخصوص، سكان القرى والبوادي، يتمثل في كيفية المحافظة على عنصر الماء الذي يشكل أساس ثروتهم الاقتصادية، وأنشطتهم الزراعية المعيشية، "لذلك نجدهم يحرصون على صيانتها بشكل دوري، والقيام بعملية الحفر في آبارها لاستمرار تدفق المياه في المجرى الرئيسي حتى تستمر الخطارات في التدفق".
 
يذكر أنه صدر للأستاذ محمد امراني علوي مؤلفات عدة، من بينها "دور الزوايا في تأطير الجهاد وتوحيد المغرب في العصر الوسيط وبداية الحديث" (2010)، و"القصور بتافيلالت بين الاندثار والاستمرارية ، قصر توجديت نموذجا"، و"وثيقة 11 يناير وترسيخ مفهوم الوطنية والمواطنة"، و"تافيلالت ـ التاريخ، الإنسان، المجال"، و"المسجد وترسيخ الفكر الوحدوي بالمغرب عبر التاريخ"، و"مساهمة التصوف السني في تأطير الجهاد وتوحيد المغرب، من نهاية العصر الوسيط إلى بداية العصر الحديث ( الطريقة الجزولية نموذجا)"، و"سجلماسة وتأثير التجارة في العهد المريني"، و"الدولة السعدية وسياسة التوحيد في عهد احمد المنصور السعدي"، و"دراسات في الحضارة الاسلامية".

المصدر: و.م.ع