عبد الحق يحياوي - الريصاني / جديد انفو

بعد اللقاء الاول سنة 2006 التأم من جديد قدماء تلاميذ ثانوية بئر أنزران الاعدادية بالريصاني لتخليد ذكرى مرور 40 سنة على نشأتها بالتنسيق مع طاقمها الاداري والتربوي وجمعية أمهات و أباء وأولياء التلاميذ والتلميذات، يومي 15 و16 مارس 2019 تحت شعار:" الوفاء لقيم المواطنة سبيل لتحقيق التنمية المستدامة".

انطلقت هذه الفعالية عشية يوم الخميس14 مارس 2019 بمقر جمعية بسمة لمساندة مرضى القصور الكلوي بالريصاني. باستقبال المشاركين بحفاوة كبيرة بالتمر والحليب، أبان فيها الفريق المنظم من قدماء التلاميذ عن حرفية واداء متميز، وتفوقوا  في توفير اجواء مريحة للمشاركين، سواء فيما يتعلق بالتغذية او المبيت وكذا إعداد وثائق اللقاء مما ساعد على انجاح هذه التظاهرة الفريدة.

وتميز برنامج الاحتفال بالتنوع من خلال العديد من الانشطة التربوية والرياضية التي انطلقت قبل الحفل بعدة اسابيع، وتعاون الاطراف، الادارة الاساتذة الاباء وقدماء التلاميذ على انجازها بمساعدة مصالح بلدية مولاي علي الشريف. وشملت تنظيف وتزيين فضاء المؤسسة بإنجاز جداريات وترصيف بعض الممرات وجزء من الساحة وبناء نافورة به، بالإضافة إلى  اجراء مسابقات ثقافية ورياضية بين الاقسام ووزعت على الفائزين منهم جوائز تحفيزية خلال الحفل المذكور.

 وقام المدعوون بجولة بمختلف مرافق الثانوية ومعرض لبعض المصنوعات التقليدية المحلية اقامه التلاميذ بالمناسبة. بالإضافة الى إلقاء كلمات بالمناسبة تضمنت رسائل تحفيزية للتلاميذ ونداء للمجتمع المدني للالتفاف حول المدرسة العمومية. وتوالت فقرات الاحتفال بإطلاق 40 حمام وترديد التلاميذ لأناشيد ترحيبية بالمدعوين  وممثلي المديرية الاقليمية للتعليم بالراشيدية ورجال السلطة والمنتخبين. وانتقل الجمع الى اداء صلاة الجمعة بمسجد ضريح مولاي علي الشريف. ثم تناول وجبة للغذاء بمركز بسمة لمساندة مرضى القصور الكلوي بالريصاني حيث كانت اقامة المدعوين من قدماء الاساتذة والتلاميذ، وفي المساء وزعت هدايا رمزية على الاساتذة القدماء الذين حضروا هذا اللقاء وعلى مجموعة من الاساتذة المحالين على التقاعد حديثا.

واستمرت فقرات ملتقى الصداقة ليلة الجمعة 15 وطيلة يوم السبت 16مارس بشكل داخلي بمقر جمعية بسمة لمساندة مرضى القصور الكلوي بالريصاني، تضمنت انشطة فنية والقاء قصائد شعرية بالإضافة الى جلسات سمر شكلت فرصة لتذكر مجموعة من النوادر والطرائف التي جرت بين التلاميذ والاساتذة قبل 40 سنة. ومن أبرز لحظات هذه الانشطة الداخلية الاعلان عن منح ثلاثة اساتذة تذاكر للعمرة وهما السادة محمد الادريسي استاذ الاجتماعيات ومحمد بركي استاذة اللغة العربية والاستاذ شراق استاذ التربية البدنية.  كما قام المشاركون في الملتقى بجولة في مرافق مركز تصفية الدم ووقفوا على مختلف التجهيزات وكلفة المشروع التي بلغت2 مليار و200 مليون سنتيم، وتناول اعضاء جمعية بسمة إطار الشراكة التي تجمعهم مع وزارة الصحة التي عينت الكوادر الطبية التي ستشرف على تسييره، وتوقفوا عند الكلفة التي يتطلبها سير هذا المرفق، مما يستوجب التفاف مختلف الفاعلين المدنيين حوله لضمان سيره العادي.

 وفي مساء يوم السبت انتقل الجميع الى الكثبان الرملية بمرزوكة وزاروا دار كناوة واستمتعوا بكؤوس الشاي وبوصلة موسيقية زادت من حرارة اللقاء واذكت العواطف الجياشة التي انتعشت طيلة ايام ملتقى الصداقة.

 ملاحظات على هامش ملتقى الصداقة:

تميز موسم: 1978/1979 باضطرابات اجتماعية عنوانها البارز اضرابات في قطاعي الصحة والتعليم تبعتها تراجعات مهولة على الصعيد الوطني نذكر في هذا الصدد مناظرة افران حول التعليم وسياسة التقويم الهيكلي المفروضة على المغرب من طرف البنك الدولي. وتميز هذا الموسم ايضا بانقلاب ميزان القوى لصالح المغرب بخصوص القضية الوطنية حيث تكالبت على المغرب مجموعة من الاطراف وجهزوا  مرتزقة بأحدث الاسلحة الحربية بغية النيل من وحدته الترابية. لكن ارادة الله وقوة عزيمة  الجنود المغاربة المرابطين في نقطة حدودية صغيرة (بئر انزران) مكنت من هزم المرتزقة. وتيمنا بهذا الفتح المبين منح اسم هذه المعركة والنقطة الحدودية لإعدادية الريصاني. وبالفعل شكل افتتاح مؤسسة ثانوية اعدادية على الصعيد المحلي نقلة نوعية في العرض التعليمي بقيادة الريصاني آنذاك بعدما كان عدد المجتازين لامتحان الشهادة الابتدائية يعد على رؤوس الاصابع أصبح عددهم مرتفعا على العموم وعدد الاناث بشكل خاص.

افتتاح ثانوية بئر انزران الاعدادية بالريصاني موسم: 1978/1979، وضع حدا لمعاناة التلاميذ من ابناء الريصاني والقصور المجاورة المتمدرسين بأرفود حيث كانت نسبة كبيرة منهم محرومة من المنحة ومن مؤسسة التعاون الوطني (دار الطالب) ويضطرون للسكن في (دكاكين) غرف ضيقة مفتوحة على الشارع ولا تتوفر على ابسط الشرو ط من ماء وكهرباء ومرافق صحية، ويعدون وجباتهم بأنفسهم وهم في سن يتراوح ما بين 12 و16 سنة. وذاكرة هذا الجيل لازالت تحتفظ بالعديد من الحكايات والنوادر هي في حاجة لمن يدونها لتتخذ منها الاجيال القادمة العبر. 

 ما أشبه اليوم بالأمس 1979/2019:

اليوم كذلك تعرف الاوضاع الاجتماعية في المغرب مشاكل تتمثل اساسا في ازمة قطاعي الصحة والتعليم على الصعيد الوطني. اضرابات الاطباء والممرضين والاساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، ولكن في المقابل مثلت مبادرة ملتقى الصداقة على الصعيد المحلي فسحة ضوء في بحر الظلام. وبفعلهم هذا قدم قدماء ثانوية بئر انزران الاعدادية بالريصاني الدليل الملموس على أن الاستثمار في العنصر البشري هو الاكثر مردودية، حيث لا شيء يساوي العدد الكبير من الاطر العليا والصغرى المدنية والعسكرية... والحرفيين والتجار الذين تخرجوا من هذه المؤسسة وكلهم حب للبلاد والعباد ومثالا للوطنية، والساهرين على هذه التظاهرة عينة صغيرة منهم. لذلك يمثل التعليم العمومي خيار استراتيجي لا يجوز الحياد عنه مهما كانت توجيهات المؤسسات المالية. لان تسليع الخدمات الاجتماعية الصحة والتعليم سيضرب في العمق مجتمع الكفاءة وستصبح البنية الاجتماعية مغلقة كما في الهند. وعليه لن يحلم ابناء الفقراء من بعد بالترقي الاجتماعي مهما كانت قدراتهم وكفاءاتهم. ومن هنا فان حل المشاكل المادية والمعنوية التي يعاني منها قطاع التعليم هي قضية أمة يجب على الجميع المساهمة في حلها وذلك بالالتفاف حول المدرس العمومية وتشكيل درع لحمايتها من كل الاخطار. وتقع مسؤولية ذلك وبشكل خاص على الاطر التي تمكنت بفضل المدرسة العمومية من تقلد المناصب السامية والترقي الاجتماعي وخدمة بلادهم أحسن خدمة.

مبادرة قدماء تلاميذ بئر انزران بالريصاني تؤكد التميز الاخلاقي والسلوكي لأبناء تافيلالت والجنوب الشرقي عموما، وهي سمات لازالت حاضرة ويجب العمل على استمرارها، إذ لا يمكن للعملية التعليمية ان تتم في ظل علاقة متشنجة بين اطرافها، كما ان علاقة الاحترام والحب المتبادل بين الاستاذ والتلميذ من شانها ان تزيل كل العقبات في وجه المتمدرسين.

وفي القطاع الصحي الذي يعرف تراجعات كبيرة على الصعيد الوطني. فإن منطقة الريصاني تشكل كذلك استثناء في هذا القطاع، من خلال المشروع الكبير لجمعية بسمة لمساندة مرضى القصور الكلوي، وهو جاهز لتقديم الخدمة للمرضى الذين يعانون الشيء الكثير في تنقلهم طلبا للعلاج. ونتمنى ان لا يطول انتظارهم. وهناك مشروع آخر للدولة لا يقل اهمية، يتمثل في بناء مستشفى وهو قيد الانجاز، من شأنه ان يلبي مطلب شعبي ظل سكان تافيلات ومنتخبيهم يطالبون به لعقود.  

اما قضية الوحدة الترابية فهي الاخرى عرفت في هذه الفترة انتصارات من خلال التأييد الدولي للطرح المغربي فيما يتعلق بخيار الحكم الذاتي في ظل الوحدة المغربية. كما استجاب الله لدعاء المغاربة ورد كيد العديد من الاطراف المناوئة للوحدة الترابية..

مضت فترة طويلة بين اللقاء الاول سنة 2006 واللقاء الثاني 2019 لقدماء تلاميذ ثانوية بئر انزران الاعدادية وهي مدة طويلة اتمنى ان يحافظ هذا اللقاء على انتظامه، ليصبح سنويا ،ولن يتأتى ذلك في نظري إلا بتأسيس إطار للأشراف على هذا الفعل النبيل والوطني وتطويره، وذلك بالانفتاح على الاطر العليا والمتخصصة خاصة من قدماء تلاميذ دائرة الريصاني عموما بكل مؤسساتها التعليمية تجنبا لتشتيت الجهود. كما ادعو الى ضرورة الانفتاح على الثانويات التأهيلية خاصة خلال فترات التوجيه بتنظيم لقاءات يؤطرها التلاميذ القدماء لتحفيز التلاميذ المتمدرسين ومساعدتهم على حسن التوجيه.