جديد انفو - متابعة

في خطوة غير مسبوقة تعكس وعيا متزايدا بتحديات الغش المدرسي، تستعد وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة لإطلاق نظام إلكتروني متطور لرصد حالات الغش خلال الامتحانات الاستدراكية للبكالوريا، في إطار استراتيجية وطنية جديدة توظف التكنولوجيا لمحاصرة ظاهرة تهدد مبادئ الإنصاف وتكافؤ الفرص في المدرسة المغربية.

وبحسب مذكرة وزارية موجهة إلى مديري الأكاديميات الجهوية، فإن اعتماد هذا النظام يأتي ردا على تفاقم الغش الإلكتروني، وتطور أساليبه بتوظيف هواتف ذكية وسماعات دقيقة وشبكات تواصل مشفّرة، ما جعل من الوسائل التقليدية للمراقبة غير كافية لمواجهة الظاهرة.

النظام الجديد يعتمد على أجهزة متنقلة ترصد بشكل أوتوماتيكي أي تواصل إلكتروني داخل قاعة الامتحان، دون تشويش على الاتصالات أو اختراق خصوصية المترشحين، وهو ما يراعي متطلبات القانون رقم 09.08 المتعلق بحماية المعطيات الشخصية

وتعتمد المنظومة أيضا على منصة رقمية موصولة بمستويات تتبع محلية وجهوية ووطنية، تمكن من رصد فوري للحالات المشبوهة، وتحليل المعطيات إلكترونيا، وهو ما يحدث نقلة نوعية في الرقابة المدرسية، ويعزز مصداقية الامتحانات الوطنية.

الوزارة ستطلق النظام على مرحلتين: الأولى خلال الدورة الاستدراكية للامتحان الجهوي الموحد، عبر مراكز منتقاة بكل أكاديمية، تليها المرحلة الثانية خلال الامتحان الوطني الموحد للبكالوريا، بعد إدماج التعديلات التقنية والتنظيمية المقترحة من الفرق التربوية المشرفة.

وتهدف هذه المقاربة التدريجية إلى تحقيق ملاءمة فعالة بين التكنولوجيا وواقع المؤسسات التعليمية، والتغلب على التحديات التقنية والتنظيمية التي قد تظهر خلال أولى مراحل التطبيق.

ويؤكد مشروع الوزارة على توازن مهم: مكافحة الغش دون المساس بالحق في التعليم أو الخصوصية، عبر اعتماد مقاربة مزدوجة: تحسيسية استباقية تركز على التوعية بقيم النزاهة، وزجرية قانونية تستند على مقتضيات القانون 02.13 المتعلق بزجر الغش في الامتحانات.

ويرى خبراء في الشأن التربوي أن هذا المشروع قد يكون نقطة تحول ثقافي في المنظومة التعليمية المغربية، حيث يُعيد الاعتبار لقيم الاستحقاق والمسؤولية، ويمنح للتكنولوجيا دورًا إيجابيًا في حماية مصداقية الشواهد الوطنية.

كما أن هذا التوجه يعكس انخراط المغرب في موجة التحول الرقمي التربوي التي باتت ضرورية، خصوصًا في ظل تحديات مثل الهشاشة الرقمية، والثغرات التنظيمية، ومحدودية التكوين لدى بعض الأطر في التعامل مع مظاهر الغش الحديثة.

في ظل تحولات متسارعة، يبدو أن وزارة التربية تراهن اليوم على الذكاء التكنولوجي بدل فقط تشديد الحراسة التقليدية، من أجل استعادة ثقة المجتمع في منظومة التقييم، وتحقيق مدرسة الإنصاف والاستحقاق والكرامة.