محسن الأكرمين - جديد انفو

خطب العرش،

لم تكن خطب الملك تقف عند حدود الوصف والتثمين للمنجزات التراكمية التي تشهدها المملكة، بل كانت كل الخطابات الملكية تنذمج مع الواقعية والموضوعية بالتحليل وتفكيك سبل التطوير وأوجه المعالجة والضبط، خطب انتقدت بشدة إلى حدود العشرين منها أداء المؤسسات العمومية وغيرها.

الشباب ليس بالغفل،

من بين الدراسات التي نشرت مؤخرا "البارومتر العربي" والتي نتائجها ممكن أن تبكي كل متتبع ملاحظ لمستقبل مواطني المملكة، حين يعبر سبعة (7) من أصل عينة عشرة (10) رغبة في الهجرة خارح الحدود  ولو بـ "الحريك". هنا يظهر عدم الاطمئنان من المستقبل عند الشباب، هنا تظهر الهيمنة الكلية للجيل القديم الأكثر ثقة (3من أصل 10 و المستفيد بالتفاوت من خيرات الوطن)، من هذا الرقم تظهر "الحكرة"، تظهر الفوارق الاجتماعية والمجالية. هنا وبالاستعجال لا بد من تغيير موجهات التنمية وفتح ورش التنمية التفاعلية التي ممكن أن تعود بنفع على (10 بدل 3).

 لا يمكن أن نبخس منجزات التحقق، لا يمكن أن نكون ممن يركب العدمية للنقد، لكننا نقول بأن أثر التنمية لم يستفد منها الجميع، لم تستطع رغم ما أنجز من تقليص الفوارق الاجتماعية بل زادتها بلة، وبقية الهوامش الهشة تنادي بالعدالة المجالية.

وصفات حلول غير لسحرية،

حتى لا نقف عند "ويل للمصلين" بل نزيد قولا من دلالة الإخبار والتفسير، نورد رأي صندوق النقد الدولي، والذي أوصى حتى هو بإلحاح على محاربة التفاوت في مغرب الفوارق الاجتماعية، أكد على أن جزءا كبيرا من مواطني الدولة هم في حالة هشاشة شديدة، وهو ما يقوض النمو الاقتصادي الطويل الأمد. لا علينا حين يقولها صندوق النقد الدولي ما على الحكومة إلا تحريك لسان القرارات للقضاء على هشاشة الفقر، فإن هذا الأمر لا يبدو عاديا.

حلول إجرائية للإصلاح،

التشخيص واللجان هي من بين المسكنات القوية في مغرب الحديث و المقبرة لكل ما أشكل حله الإجرائي، لكن الحلول تقول لنا عبر لعبة (الغميضة) ها أنا استعملني كمؤشر للإصلاح وسترى النتائج.

فمن بين الحلول المفصلية والتي كل التقارير الوطنية والدولية تلح على استهلال الإصلاح بها  تتمثل أولا، في محاربة التهرب الضريبي وخلق عدالة ضريبية بين كل القطاعات، وكذا تتمثل في إخضاع الفلاحة الكبرى الصناعية/ التصديرية للأداء الضريبي، كما يجب سن ضريبة على الثروة والإرث. ثانيا، (سطوب/ قف) من اقتصاد الريع والامتيازات، (سطوب) حتى من الريع حلال، فحتى إذا لم نستطع تطبيق عدالة اجتماعية بكل شفافية فلا نمتهن الظلم ونكرس مقولة (المغرب النافع و المغرب العميق)، لتكن العدالة قائمة في الاستفادة من خيرات الوطن تعم الجميع بحدود الهوامش. ثالثا ، عودة الفاعل السياسي والاجتماعي بقوة على تحمل مسؤوليات البناء الديمقراطي والإصلاحات المرتقبة وفق حكامة التكليف لا التشريف. رابعا، إعادة النظر في الاقتصاد غير المهيكل والذي يقتل النمو الوطني العام وينمي دخل جيوب ممتهني " الاقتصاد الأسود و السمسرة"

نجاعة الإصلاح، 

هو الخطاب الملكي الذي أكد على استدعاء جيل جديد من الكفاءات إلى تحمل المسؤولية، هو خطاب التأسيس الذي ألح على تحريك التفكير في جيل جديد من المشاريع المندمجة التي تعيد توزيع جزء من الثروة الوطنية على عموم الشعب، هو الخطاب الثورة الثلاثيــة الأبعـاد، ثــورة في التبسيط وثــورة في النجاعة وثـورة في التخليق السياسي والاقتصادي. 

هو خطاب النهوض بمؤسسات الدولة بدل" الخوف والتردد"، هو الإيمان بالمستقبل بدل التفكير في الانجازات الماضية، هو الحديث (السيكولوجي) للخطاب الملكي في بناء الثقة وحلم الأمل في المستقبل، هو خطاب المغامرة الجريئة وعدم الانغلاق على الذات ومناقشة الالهاءات السالبة، هو الرهان في كفاءات جديدة ذات أيادي بيضاء، هو حلم إشاعة الخير في المستقبل من خلال تجديد القيم وخلق حوافز المواطنة لمحاربة التفكير الذي أنتجت لنا (7 من 10) من المواطنين يريدون الهروب من الدولة. إنه إصلاح التعبئة الجماعية والحكامة التي تنبني على الإجابة الفورية عن أسئلة انشغالات المواطنين و حاجياتهم.

مأزق العثماني وسبل التدبير،

حين انتقد الملك الأداء الحكومي فإنه لم يعممه بالكلية ولكنه أشار إلى رموز تشد السير العادي للدولة وراء. هنا المشكلة التي تقض مضجع تفكير السيد العثماني في البحث عن (بروفايلات) ممكن لها أن تمتلك تمثل هندسة الجيل الجديد من التنمية التفاعلية، فالبحث عن نخب الكفاءة لا يمكن تصنيفه ضمن عودة (التكنوقراط) للتدبير الإداري فقط، ولكن لكل منصب معايير معينة.

 من هنا يجب وقف منح المناصب بالولاءات ولا (أبوك كان صاحبي). فيما  المشكلة العليا هي جفاف الأحزاب السياسية من إنتاج نخب الكفاءة، هي المنافسة الشرسة بين الأحزاب لاستقطاب كفاءات (التكنوقراطية) من أجل تزيين صورة الحزب عند الدولة، هي مشكلة الكراسي بدل التفكير في من يخدم الكرسي لصالح الشعب.