حمزة شافعي - تنغير / جديد أنفو
تعتزم السلطات المحلية لمدينة تنغير هدم قصور و قصبات قبيلة أفانور في مؤامرة واضحة و مكشوفة ضد تراث أمازيغي عريق لا يزال شاهدا على مهارة و إبداع الإنسان المحلي تحت ذريعة محاربة المخدرات و استتباب الأمن.
إن إقدام السلطات المحلية على هدم قصبات و مساجد أفانور هو استمرار لمخطط أكبر يروم القضاء على الحضارة الأمازيغية على جميع الأصعدة: مادية و لامادية و نفسية-وجدانية.
إن هدم تلك القصور القديمة جدا إضافة إلى معلمة "مسجد إقلالن" التي شكلت في الماضي مدرسة عتيقة و زاوية قرآنية تخرج منها جهابذة من الفقهاء و العلماء يناهز عمرها أكثر من 400 عام هو بمثابة " اغتيال " جزء مهم من تاريخ حضارة عريقة. إنه حقا اغتيال في أبشع تجلياته لتراث مادي/نفسي وجداني "إنساني" تتمنى دول أخرى وصلت من الحضارة ما وصلت إليه و لو امتلكته أو حافظت على مثله في زمن التقنية و العولمة و الانسلاخ و التشذر الهوياتي.
إن مبادرة بصيغة "الهدم" بدل "الإصلاح و الترميم" تكشف بالملموس عن أنياب مكشرة لعقود عجاف مع سبق الإصرار و الترصد غايتها محو كل أثار الهوية العمرانية المحلية بعدما انخرطت المدرسة و الإعلام ولعقود طويلة كذلك في مسلسل المسح اللغوي و الثقافي بغية صناعة إنسان "هجين" يسهل " احتواءه " أولا ثم " احتقاره " ثانية بدعوى عدم امتلاكه لهوية و لغة و حضارة خاصة به.
إن هدم قصور و قصبات و مساجد أفانور العريقة جدا سيليه مسلسل هدم القصبات و القصور الممتدة على طول وادي تودغى لأن "أكل الثور الأبيض يسهل أكل باقي الثيران". فكيف سيكون رد باقي قبائل الجنوب الشرقي عموما و قبائل تودغى خصوصا حول هذا المستجد الخطير الذي يهدد العمران و الحضارة المحليين؟ و كيف سيكون رد الجمعيات الأمازيغية و العالمية التي تهتم بالتراث المادي و العمراني القديم؟.
سيقول المدبرون لأمر الهدم أن الهدف الأسمى هو محاربة المخدرات و الحفاظ على الأمن لكن ألا يعلمون جيدا أن جدران تلك القصبات ليست هي من يتاجر بالمخدرات. أكثر من ذلك ,فتلك القصبات الشامخة تنتصب في الصيف و الشتاء مستميتة ومدافعة عن وجودها لتحكي عن تاريخ و عبقرية إنسان أمازيغي واجه و لا يزال يواجه أعداء بأقنعة و بذلات و خطابات و أعذار و سياسات حربائية جوهرها و منطقها "الهدم" بدل "الإصلاح و الترميم"، هدم كل ما هو أصيل و قائم أساسا لإقامة الأوهام و الوعود التي لن تتحقق أبدا.