سليمة العلوي
بين الرشيدية وبوركون مسافة فرسخ أو ميل أو يقل كثيرا أو يزيد قليلا أو الله أعلم من الطرق والشعاب.
بين الرشيدية التي دفن فيها الحسناوي طالب التوحيد والإصلاح الذي انتقل من مكناس حيث كان يدرس – رحمه الله – إلى فاس التي كانت تحتضن “نشاطا جهاديا” لإخوته، وبين بوركون التي لا أثر فيها للتوحيد والإصلاح مسافات لا يستطيع اليوم تحديدها أي منا.
رئيس الحكومة في حكاية الحسناوي ذهب حتى الرشيدية. امتطى طائرة خاصة من حر ماله، أو من حر مال الحزب. لا دخل للدولة بها. ولا علاقة لمال المغاربة العام بتمويلها. هناك نزل من الطائرة وامتطى السيارة الجيب، وذهب حتى المنطقة التي ولد فيها المسكين الحسناوي.
واراه الثرى، قال كلمتين “لزوم فض العتب”، وامتطى مرة أخرى طائرته الخاصة وعاد إلى حي الليمون.
شرب ليمونا باردا دون سكر، وقال “الله يعشر الخطوات”، واعتبر نفسه قام بالواجب وزيادة تجاه إخوته في الحركة وإخوانه في شبيبة الحركة، وتجاه كل المتعاطفين.
بين الرباط وبين بوركون تسعون كيلومترا، تزيد أو تقل قليلا إذا مادخلت البيضاء عن الطريق الساحلية.
ستمر من المحمدية وبوزنيقة والصخيرات وستتأخر لأن “الدوبلاج” ممنوع في عديد المقاطع من تلك الطريق الساحلية الخطيرة، وإسألوا وزير النقل والتجهيز وحوادث السير الكثيرة عزيز رباح إن كنتم لا تعلمون.
لكن بين بوركون والرباط عن طريق “لوتوروت” وبسيارة مثل سيارة بنكيران الحكومية، وبسائق مثل سائق بنكيران مالايتجاوز النصف ساعة من الوقت.
يأتي رئيس الحكومة إلى البيضاء، يحل ببوركون، يطل على المنازل التي تسقط دون أن تخبر أحدا بسبب سقوطها، يتناول كأس شاي إذا ما أتي بعد الإفطار، أو يكتفي بالسلام والتحية والقيام بالواجب والانصراف إذا ما أتى قبل المغرب.
قد يصلي ركعتين أو ثلاثا في المكان ترحما على من ماتوا.
هم أيضا مغاربة، هم أيضا مسلمون، هم أيضا أبناء الحركة الكبرى التي تجمعنا، لا حركة التوحيد والإصلاح، لكن حركة المغاربة “كاملين”.
بنكيران لم يقم بأي شيء من هذا، لماذا؟.
لأنه ينتظر الإذن.
المأثور يقولها “ادخلوا البيوت من أبوابها”، ويؤكدها “استئذنوا”، ويعيد التأكيد عليها “إنما جعل الاستئذان لأجل البصر”، لذلك لابد من انتظار الإذن ”مافيها باس” .
هل طلب بنكيران الإذن يوم طار إلى الرشيدية؟
مرة أخرى نحن نطرح أسئلة لا معني لها.
الرشيدية راشيدية، وبوركون بوركون.
بمعنى آخر، المنتمون للتوحيد والإصلاح في مقام، والمنتمون لعموم الشعب المغربي في مقام ثان تماما.
نحن المغاربة أصلا نقولها عن أنفسنا واخترنا تسمية ”بوزبال” لكي نعلن بها التميز عن ”الناس الألبة” وعن الآخرين الذين توجد ”خالتهم فالكوزينة” .
بنكيران، بنكيران، نوض، نوض التماسيح والعفاريت تسقط المنازل على رؤوس ساكنيها، وفي الوقت ذاته تمنعك من السفر إلى البيضاء.
هل من حل مع هاته التماسيح؟ هل من حل مع هاته العفاريت؟
هل من حل مع هاته الحكومة بالتحديد؟
