مصعب السوسي

قدم بوشعيب أرميل، المدير العام للأمن الوطني، عن طريق دفاعه التماسا إلى القضاء المغربي للحكم على صحافي مغربي بعدم مزاولة مهنة الصحافة لمدة 10 سنوات وأداء غرامة مالية قدرها 25 مليون سنتيم  ومتابعته وفقا للقانون الجنائي على خلفية نشر الموقع لخمسة مقالات تتعلق بمتابعة قضية وفاة شاب في مدينة الحسيمة يدعى كريم لشقر سبق أن اتهمت عائلته عناصر من الشرطة بتعذيبه والتسبب في وفاته داخل مقر المنطقة الإقليمية اﻷمنية، قبل نقله إلى المستشفى وقد فارق الحياة، حيث أظهرت صور التقطها أقارب لشقر داخل مستودع الموتى وجود كدمات على وجهه.

وحددت المحكمة من الدرجة الأولى في الدار البيضاء جلسة استماع لحميد المهدوي، مدير موقع «بديل»، يوم 4 0 غشت المقبل.

وبررت المديرية العامة للأمن الوطني مطلبها بوجود «نية سيئة لدى الموقع للنيل من كرامتها»، في حين قال موقع «بديل» انه «لم ينقل سوى عن مصادر ومواقع محلية بالحسيمة وعم الضحية، بل وحتى عن الوكيل العام للملك»، نافيا أن يكون قد قدم في أي من قصاصاته الخبرية جملة واحدة يتهم فيها جهة ما بـ«القتل» أو المشاركة أو المساهمة، ما دفع الموقع إلى ترجيح فرضية «أن المستهدف ليس المهدوي وإنما الخط التحريري للموقع».

وفي اتصال هاتفي لـ«القدس العربي»، قال المهدوي انه توصل عن طريق عون قضائي بـ«مذكرة من نحو 30 صفحة تضم المقالات الخمسة، إضافة ما يشبه المرافعة القضائية باستدلالات قانونية تحاول تبرير المحاكمة بالقانون الجنائي وليس الصحافي».

وأضاف أن الظاهر من خلال تحريك هذه المتابعة «بعد أن تم حظر موقع لكم هو أن يتم الأمر نفسه مع موقع بديل، وذلك قصد السيطرة والتحكم في الأخبار الوطنية، وحصرها في انتقادات الحكومة أو من يعارضها»، مستغربا «اعتماد المذكرة على مقالات تابعت قضية مقتل الشاب لشقر بمهنية وفق المعايير المتعارف عليها، فكل ما قمنا به هو نقل الشهادات والتصريحات المرتبطة بالموضوع دون أي اتهام أو توجيه. ثم أن كلا من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (كان ينتمي إليه لشقر) إضافة إلى عائلة الضحية هم من اتهم السلطات بالمسؤولية عن مقتله وليس الموقع. كما أن صحفا ومواقع إخبارية عدة كتبت عن الموضوع، فلماذا موقع بديل بالذات؟».

واعتبر المهدوي متابعته قضائيا «حماقة تورط بها المسؤولون»، نافيا أن يكون الخط التحريري للموقع «يعمل ضد الأجهزة أو يسيء إلى الملك أو شيء من هذا، فأنا أقدر عمل الأجهزة التي من حقها مراقبة العمل الصحافي لكن بمسؤولية وطبقا للقانون الذي لم أتجاوزه إطلاقا. كما أنني أحترم الملك والملكية، ثم إن الدستور يكفل لي حرية التعبير وممارسة عملي كصحافي»، مشيرا إلى انه «حتى وإن سجنت وتوقف الموقع، فسيأتي آخر عوض عنه. من المؤسف أن الأجهزة تحركها عقليات قديمة تحقد على العمل الصحافي الجاد وتسعى إلى الانتقام من كل من يزعجها»، متسائلا: «إذا كان الغرض هو تطبيق القانون فقد نشر الموقع عدة ملفات موثقة عن عدة خروقات قانونية في عدد من المدن المغربية، فلماذا لا يطبق القانون على المسؤولين؟».

وتأسف على «التعتيم الإعلامي الذي رافق تحريك المتابعة القضائية»، مشيرا الى استغرابه من «عدم اهتمام الزملاء الصحافيين بالموضوع الذي يهمهم هم بالدرجة الأولى كصحافيين. فقد كان المتوقع أن يقفوا وقفة رجل واحد ضد المس بحرية الصحافة باسم القانون».

وختم تصريحاته بأن «ثمة نوعا من التنميط يسود العمل الإعلامي الوطني، وربما تكون للمتابعة القضائية ثلاث قراءات: الأولى تلك المتعلقة بالندوة التي كان أقامها وزير العدل والحريات حول التحقيقات التي تجريها الوزارة فسألته عن سر عدم إسناد التحقيق للمجلس الأعلى للحسابات بدل وزارته، وعن سر تستر بيانه الأخير على قرار إعفائه للمدير الفرعي للوزارة بوجدة. والثانية حول ضحايا حادث انهيار بنايتي بوركون بالدار البيضاء، حيث كتبت أن المسؤولية تنسحب على هرم السلطة بأكمله. والثالثة هي المسيرة التي شهدتها الرباط مؤخرا تضامنا مع فلسطينيي قطاع غزة وضد العدوان الإسرائيلي على القطاع، فذكرت أن ضحايا بوركون يستحقون بدورهم مسيرة تضامنية وطنية. لذا أعتقد أن هنالك رغبة بإسكات كل من يقدم أخبارا وتحليلات تنور الرأي العام، وضد ما هو سائد اليوم».

ويذكر أن المهدوي أسس موقع «بديل» بعد مدة من حجب موقع «لكم»، ومتابعة علي أنوزلا، رئيس تحريره بقانون الإرهاب والقانون الجنائي على خلفية مقال حول تنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي. وقد بدأ «بديل» تدريجيا بالحلول محل موقع «لكم» على الساحة الإعلامية الرقمية.

المصدر: القدس العربي