محمد عزاوي
في نفس اليوم، وفي نفس المدينة، كان هناك شاب آخر لا يبحث عن الأضواء ولا عن التصفيق، بل جاء محمّلًا بهمّ جماعته، قاطعًا عطلته الصيفية، متجاوزًا مشاق السفر، فقط من أجل لقاء السيد العامل في مكتبه بطلب منه ، لمناقشة مشاريع في طريقها إلى الجماعة. لا صور، لا فيديوهات، لا بهرجة... فقط نية صادقة في خدمة الناس انه محمد بن يوسف رئيس جماعة ألنيف اقليم تنغير.
اللقاء جاء بالصدفة، لكن الحديث كان عميقًا، صريحًا، دون مجاملة ولا نفاق. كان النقاش عن مستقبل التنمية في تلك الجماعة المهمشة، عن الطرق التي لم تُعبد بعد، عن الكهرباء التي لا تصل إلى كل البيوت، عن الماء الصالح للشرب الذي ما زال حلمًا في بعض الدواوير. الملاحظات قُدمت للسيد الرئيس، وتقبلها بروح المسؤولية، لأنه يعرف حجم الانتظارات، ويعرف أن الساكنة لا تطلب المستحيل، بل فقط الحد الأدنى من الكرامة.
ورغم الإمكانيات المتواضعة للجماعة، إلا أن وجود ممثلي الدولة على المستوى المحلي، في شخص السيد القائد، وعلى المستوى الإقليمي في شخص السيد العامل المحترم، ورئيس جماعة يعمل بصمت بعيدًا عن الأضواء الزائدة، يجعلنا نطمئن أن التنمية هناك ليست مجرد شعار، بل مسار حقيقي.
زيارة العمل لم تتجاوز أربعًا وعشرين ساعة، لم يصل حتى إلى منزله الشخصي، لم يزر ولده و أسرته، ولم يترك أثرًا يدل على أنه كان هنا. لا منشورات، لا تصريحات، لا استغلال إعلامي أو سياسي. فقط عمل، فقط مسؤولية، فقط إيمان بأن التنمية تحتاج رجالًا، وتحتاج دعمًا ماليًا، وتحتاج حكامة حقيقية من الدولة.
هؤلاء هم من يستحقون أن يُذكروا، لا من يملأون الشاشات ويغيبون عن الميدان. هؤلاء هم من يصنعون الفرق، بصمت، بتواضع، وبإرادة لا تُكسر.
