حورية لغزي - تنغير / جديد انفو
التسمية:
كانت تنغير في القديم تسمى "تودغت" وتقول الحكاية إن إحدى ساكنات الجبل جاءت إلى الواحة لسقي مشيتها بالوادي والتي تسمى" تودغة" وهو تحريف لكلمة "تودرت"والتي تعني "الحياة" حيت استقرت بها وهذا التفسير هو المتداول بين الباحثين و الأنتروبولوجين وعلى حساب تسمية المشيخات بالواحة يعطينا تفسيرا آخر،حيت سمي الواد على تسمية امرأة" ايت سنان "الاسنان" لوجودهم في فاه الوادي، وايت اكرطان "العنق" وايت اغيير "الكتف" ايت تماست "البطن" وايت تيزوكا "الخصر" وادي تودغى هو عبارة عن واحة وسط صحراء صخرية شبه قاحلة و يعود أصل كلمة تنغير إلى جبل إغير، و هو يعني الكتف بالأمازيغية لتأتي التسمية من كلمتين مركبتين:" تين" التي تعني لأجل و إغير الذي يعني" الكتف"،و كثرت استعمال هذه الكلمة إلى أن تحرفت لتصبح تنغير.
الموقع الجغرافي:
تنغير هي مدينة مغربية تقع جنوب شرقي البلاد بين جبال الأطلس الكبير وجبال الأطلس الصغيروتعد من أهم المواقع السياحية في المغرب، إذ أصبحت في الآونة الأخيرة قبلة للسياح الأجانب الذين يفدون إليها من كل صوب للاستمتاع بجمالها الطبيعي وإرثها والثقافي. ولعل أشهر المواقع الموجودة هناك مضايق تودغى، و واحة النخيل الخلابة التي تكسوها الشامخة، و بحيرة السمك المقدس و القصبات و الداواير التي يعود تاريخ بعضها إلى 1630م.
إلى جانب الجبال خاصة جبل صاغرو الذي وقعت فيه معركة بوكافر تحت قيادة المناضل الامازيغي الحر عسو اوبسلام هذا الأخير لعب دورا كبيرا في طرد المستعمر الفرنسي في البلاد و في مناطق الجنوب الشرقي بصفة خاصة. وتشتهر المدينة بواحاتها التي تمتد على وادي تودغى، وهي واحة كبيرة تمتد حوالي 30 كيلومترا ويتراوح عرضها بضع كيلومترات من المنبع إلى المصب. مناخ تنغير يتميز بالجفاف مع بعض التساقطات في الخريف والشتاء تتخذ طابعا عاصفيا، أما الحرارة فتتراوح ما بين 30 إلى 40 درجة في بعض الأحيان و تختلف من كل فصل إلى فصل.
السكان:
أغلب سكان مدينة تنغير ناطقين بالأمازيغية فمنهم: ايت تودغت الذين في تودغى العليا و تودغى الوسطى و تودغى السفلى، ويقع مجال ايت عطا في المناطق الجنوبية الشرقية للمغرب الأقصى على مشارف الصحراء الكبرى، و ايت مارغاد اللذين يشكلون نسبة قليلة مقارنة بالأوائل و هم ينتمون إلى حدود تافيلالت. أما إيقاع الحياة فبسيط وسلس، كما أن العلاقات الاجتماعية تتسم بروح التضامن و التعاون، كما تحظى المرأة بمكانة رفيعة ومساعدة للرجل عكس ما نجده في المناطق و المدن الأخرى إذ المرأة هي التي تتحكم في كل شيء في المنزل و كلمة الأم هي التي تمشي، و التي لديها الحق في الاحتفاظ بمفتاح بيت الخازنة و تسير أمور العائلة بكاملها، نظرا لما تتميز بها من الحكمة و العبرة و صلابتها . اقتصاد المدينة يعتمد أساسا على الزراعة والتجارة والخدمات المتعلقة بالسياحة بالإضافة إلى وجود أكبر منجم للفضة الصافية بإفريقيا بجبال المدينة " منجم إميضر" هذا الاخير الذي يحتل المرتبة الثالثة في المغرب وتستغله أكبر الشركات الموجودة بالمغرب، كما شهدت منطقة إميضر في السنوات الأخيرة موجة من التغيرات و الإضرابات، إذ يطالب السكان بتشغيل أبنائهم في المنجم و إعطائهم حقوقهم باعتبارهم من يعانون من التلوث و كل المخاطر.
علاوة هناك فئة كثيرة من الأسر تعيش على الأموال المحولة من قبل المهاجرين في أوروبا، باعتبار جل السكان إن لم نقول كل أسرة في تنغير إلا ولديها فرد من العائلة بالديار الأوروبية.
أسلوب العيش:
باعتبار المدينة أمازيغية بامتياز فأسلوب عيشها تقليدي مع ترقيعه ببعض التغيرات العصرية. علاوة إلى الطابع التضامني الذي يطغى عليهم و يظهر ذلك من خلال موسم الحصد "تمكرا"، أو في المناسبات. سكان تنغير يتميزون بالكرم و حسن الضيافة، و محافظين كما يعتبرون من الصنف الذين لا يرضون أي عزة نفسهم فوق كل اعتبار، و يظهر ذلك من خلال تعاملاتهم و حديثهم . و هذه الصفات من شيم الأمازيغ المعروفة على تفان في العمل و اتحادهم في مواجهات المصائب و المشاكل التي تصادفهم. تنغير تتسم كذلك بتميزها على المناطق الأخرى من ناحية اللباس و العادات، فنجد لباس نساء تودغت يختلف عن لباس ايست عطا و ايست مرغاد مما يشكل نوع من التنوع الثقافي و الإثني في المنطقة دون أن ننسى جيرانهم القدامى الذين مازالوا يحنون إلى منطقتهم أقصد هنا اليهود المكون الذي تحدث عنهم المخرج كمال هشكار في فيلمه المعنون : تنغير جيروزاليم أصداء الملاح من خلال هذا الفيلم يحاول المخرج تبيان التعايش الذي كان يسود بين اليهود و سكان تنغير رغم اختلاف الأديان. و تجدر الاشارة أن الفيلم تلقى انتقادات كثيرة من طرف المعارضين له حاول الفيلم أن يلفت النظر إلى التعايش بين المغاربة رغم اختلافهم في الدين و الجنس و العرق..
مضايق تودغى:
تعتبر تنغير من بين المدن الجنوبية التي تستقطب عدد كبير من السياح المغاربة و الأجانب، و ذلك نظرا لتواجدها بموقع استراتجي، و كذا تتخلخل فيها المناظر الطبيعية على رأسها مضايق تودغى. المكان الذي يستهوي الزوار، إذ تتواجد فيه قمم الجبال العالية التي علوها يصل إلى2299م كما يجذب عشاق رياضة تسلق الجبال و محبي المغامرات اللذين يجدون ملاذهم في هذا المكان الطبيعي المحض، إلى جانب توفر المكان على فنادق ذات طابع عصري و منازل للإيواء ذات طابع تقليدي . مضايق تودغى تستقطب سياح العالم بكل أجناسهم، الفرنسيين، البرتغال، اليابان و الإسبانيين... الذين يعدون من رواد المنطقة بنسبة كبيرة. كما تخصص لهم كل عام أسبوعا لهم خاصة يوم الخميس و تسمى" سمينا سنيتا" أي في هذا الأسبوع جميع الإسبانيين يسافرون و يخرجون للاستكشاف و التنزه.
تجدر الإشارة أن نسبة السياح ترتفع في فصل الربيع و فصل الصيف حيث يكثر الرواج و تنشط فيه الحركة سواء لأصحاب الفنادق و للبائعين وللمرشدين السياحيين .كما تشكل السياحة القطاع الرائج في المنطقة إلى جانب القطاع الفلاحي .
تنغير و المستقبل:
تعرف مدينة تنغير تحولات في شتى المجالات و أكبر تحول عرفته سنة 2009 من خلال تعين العمالة فيها و أصبحت تخطو خطوات في التقدم و الازدهار، و تعرف أوراش عمل ضخمة على رأسها القنطرة الحلم الذي راود سكان تنغير الذين يعانون كل فصل شتاء من انقطاع الطريق، هذا بالإضافة إلى مشاريع تنموية أخرى كتعبيد الطرق و توفير الإنارة لها خاصة الطريق المؤدية إلى مضايق تودغى و الطريق الرابطة بين تنغير و بومالن دادس. كل هذه المشاريع و غيرها تسعى إلى تطوير المدينة و الأخذ بها إلى الأمام و جعلها تواكب مسلسل التطور الذي يسلكه المغرب في إطار الجهوية اللامركزية و الدفع بعجلات التنمية في الأوساط القروية و الحضرية. تنغير كباقي المدن ترسم مستقبلها و مستقبل أبنائها و تخطو خطوات العصرنة و التقدم .
الصور المرفقة بعضها من كاتبة المقال وبعضها من اختيار الموقع لتعزيز المضمون بالصور ونشكر أصحابها كثيرا وقد وظفناها خدمة للتعريف بالمنطقة.









