بلعيد كروم

قررت المحكمة الابتدائية بالقنيطرة، توجيه الاستدعاء لبوشعيب ارميل، المدير العام للأمن الوطني، للمثول أمامها بشأن الملف المعروض على أنظارها، والذي يتابع فيه شرطيان ينتميان إلى فرقة التدخل السريع، التابعة لولاية أمن عاصمة الغرب، على خلفية مصرع معتقلة قاصر، في الرابع عشر من يوليوز الماضي، بعد إيقافها في ظروف غامضة بالشارع العام.

وجاء هذا الاستدعاء، استجابة لمذكرة تقدم بها دفاع عائلة الضحية، والذي التمس أيضا من خلالها استدعاء كل من ممثل الدولة المغربية والوكيل القضائي للمملكة، نظرا لصفة المتهمين، باعتبارهما موظفين عموميين، وهو الملتمس الذي تفاعلت معه القاضية أسماء لحلو، رئيسة هيئة الحكم، بالإيجاب، حيث قررت استدعاء الجميع لجلسة التاسع من شتنبر الجاري.

الفرع المحلي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، انتصب كطرف مدني في هذه القضية، التي يواجه فيها الشرطيان، أحدهما في حالة اعتقال، تهما ثقيلة تتعلق بالقتل الخطأ وعدم تقديم المساعدة لشخص في حالة خطر والتبليغ عن جريمة يعلم بعدم حدوثها وإهانة الضابطة القضائية.

وتعود وقائع هذا الملف إلى يوم 9 يوليوز الماضي، حينما تلقت قاعة المواصلات بولاية أمن القنيطرة، إشعارا بتعرض فتاة لاعتداء بالضرب من قبل مجهول بالقرب من مدارة «الساعة»، حيث انتقلت إلى عين المكان عناصر الدائرة الأمنية السابعة، المشرفة آنذاك عن مصلحة الديمومة، واستفسرت الشرطيين المتابعين في الملف، واللذين كانا وقتها ضمن دورية ثابتة بالمدارة سالفة الذكر، حيث أوضحا أن الضحية تعرضت للتعنيف من قبل شخص لاذ بالفرار، وأنهما عملا على وضع الفتاة المصابة التي كانت في حالة غيبوبة بسيارة النجدة التابعة لفرقة التدخل السريع لجعلها في منأى عن فضول المواطنين. ليتقرر في الأخير نقل الضحية إلى المركب الجهوي الاستشفائي وهي في وضعية صحية جد حرجة، قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة خمسة أيام بعد ذلك.

لكن، وفي اليوم الموالي، ستظهر حقائق مفاجئة وصادمة تخالف كليا ما جاء على لسان عنصري الأمن المتهمين في هذه القضية، بعدما تقدم شاب يدعى «ع ك»، 18 سنة، إلى مقر ولاية الأمن، وكشف لرجال الشرطة، أنه صبيحة يوم الحادث، كان رفقة الهالكة «ه ج»، البالغة من العمر 16 سنة، في الساعات الأولى من صباح اليوم نفسه، بحي «المغرب العربي» بالقنيطرة، قبل أن يستوقفهما رجل أمن كان يقود سيارة «السيمي»، زرقاء اللون، مشيرا، إلى أنه لجأ إلى الفرار خوفا من اقتياده إلى مركز الشرطة، في حين قام أحد الشرطيين باعتقال صديقته بالقوة وعمل على إدخالها لسيارة الشرطة، ثم انطلق، دون أن يفطن إلى أن سترته الوظيفية قد سقطت منه، والتي تم حجزها فيما بعد.

ودفعت هذه التصريحات الجديدة المحققين الأمنيين إلى تعميق البحث في ملابسات هذا الحادث، حيث أسفرت التحريات الأولية، عدم صحة رواية الشرطيين، خاصة بعد الاستماع إلى تصريحات الحارس الليلي الذي يعمل بحي المغرب العربي، الذي أكد واقعة اعتقال الفتاة القاصر من قبل الشرطي الموقوف عن العمل من قبل الإدارة العامة للأمن الوطني، والذي يوجد حاليا رهن الاعتقال الاحتياطي بالسجن المحلي بالقنيطرة .

وتبين بعد انتهاء التحقيقات، أن الشرطيين المتابعين، أدليا لعناصر الديمومة بتصريحات غير حقيقية حول معطيات هذا الحادث، لإخفاء حقيقة ما حصل، وأنهما ارتكبا معا العديد من التجاوزات والأخطاء المهنية الجسيمة، بينها مغادرة المتابعين مكان عملهما قبل انتهاء حصة العمل ودون إشعار مسؤوليهما، وقيام المتهم الرئيس بالتدخل دون إشعار قاعة المواصلات لطلب تعزيز أو تلقي التعليمات المناسبة، ودون اتخاذ الإجراءات الاحترازية الضرورية.

 

المصدر: المساء