زايد جرو - سعيد وعشى / جديد انفو
المدرسة الوطنية منذ عهد الاستقلال غرست قيما وطنية وأخلاقا عالية، ربت الأجيال وهذبت الأذواق وعممت الأخلاق، ولينت وهدأت النفوس ونظمت المجتمع بمواد وطنية أصيلة فأهلت الموارد، وفعّلت الإصلاح بعد الإصلاح، حتى أصبحت آلية من آليات الضبط الاجتماعي، بتنوع الأنشطة الداعمة و المنفتحة على مكونات المحيط الاجتماعي فتمكن التعليم إلى حد ما، من مواكبة التغيرات الوطنية والدولية، لأن المرحلة كانت وطنية بامتياز وكان سؤال الهوية حاضرا بإلحاح ، فتكونت تنشئة متكاملة ومتوازنة ،وُترجمت القيم إلى ممارسات ملموسة من خلال السلوك المدني، وتم احترام التنوع الثقافي والاختلاف في الرأي فعلا شان التقدير والاحترام لرجال التعليم الذين علموا وكدوا دون هوادة ونصحوا برسالتهم الأخلاقية، فقلَّ العنف بفعلهم وساد التقدير والتوجيه والإرشاد.
لكن الحال لم يستمر طويلا بناء على التحولات المجتمعية، فاضمحلت العديد من القيم وتلاشت وتراجع المستوى السلوكي للمتعلمين وساد العنف داخل المدارس، فتعبت لهذا التحول الأسر بالدرجة الأولى، وأصبح المدرس يعاني والمجتمع يعاني والمدرسة تهاجم وترجم، وتمزق دفاتر الصبيان وأقلامهم والكل يتأسف على ماضي المدرسة لتراجع دورها كموجه في الحياة العامة ووصلت كرامة التعليم في المغرب أدنى المراتب .
وقد تفاعل القراء داخل الوطن وخارجه وبشكل غريب مع فيديو خاص لمؤسسة مولاي رشيد الإعدادية بالرشيدية حول التأدية الجماعية للنشيد الوطني بانتظام وبضبط في الإيقاع والأداء، ففاق عدد مشاهديه 69 ألفا في ظرف وجيز، فتناقلته وتقاسمته مواقع إلكترونية عديدة فتأثر المشاهدون من خلال تعاليقهم على الحالة الحالية للمدرسة التي افتقدت هذه القيم، والتي كانت هي منبعها وكوثرها والفيديو رسالة غير مشفرة للجميع توضح بأن الإرادات تخلق المستحيل، وتجربة المؤسسة هي رائدة حقا ويجب على الجهات دعم المبادرات التي تستحق التنويه، لأن الإعلاء من القيم الوطنية جزء من الإيمان، وعلى المشتغلين في الحقل الإعلامي المساهمة والمشاركة في زرع هذه القيم، وتقديم اقتراحات بدل نبش الأعراض والمتاهات، فالمدرسة للجميع ومن واجبنا المساهمة في إنماء المواقف الإيجابية تجاه الوطن والاعتزاز بوطنيتنا ومقدساتنا والتحسيس بأهميتها والتكتل من أجل الراية الوطنية لسد كل المنافذ للأعداء الذين يتربصون بوحدتنا الوطنية في السر والعلانية .
وتحية إعلامية وتربوية خاصة لهذه المبادرة ونشد على أيادي المؤطرين الذين اقترحوا أو نفذوا هذا الإنجاز، وبالأكيد فالحرص على تعميمها وتنفيذها كما ينص على ذلك الميثاق فيه خير للوطن والمواطنين وليس ذلك بعزيز على الغيورين على المدرسة العمومية والله المستعان.