زايد جرو / جديد انفو ( الصورة من تركيب سعيد وعشى )
طرح التقسيم الجهوي بالمغرب تحولا عميقا ورؤى استراتيجية حكيمة تعيد الاعتبار لكل مناطق التراب الوطني لتساهم في البناء الديمقراطي الحداثي المبني على اختيارات وجيهة مؤسسة على إشراك كل الجهات في التحول عوض التمركز والدوران حول عمود ثابت منذ فجر الاستقلال، ولعل التفكير في التقسيم الجهوي يتماشى وتجربة الدول التي حققت النمو الاقتصادي الذي غير عيش الساكنة تنمويا واجتماعيا وسياسيا.
ومنذ الإعلان عن التقسيم الجهوي الموسع لجهات المملكة عقدت الأحزاب والجمعيات ذات النفع العام مشاورات ولقاءات موسعة ووجيهة مع الساكنة لشرح التوجه الجديد والاختيارات الممكنة والمقارنة بين الجهات الغنية تاريخيا والجهات الفقيرة جغرافيا أو المفقرة بشريا، وكل حزب يجهد ويجتهد حسب كوادره لتقديم البدائل لتحقيق نوع من التوازنات والوقوف على حيثيات ومعايير التقسيم المعتمد أهو جغرافي أم تاريخي أم نوعي بشري، أم هو تقسيم حسب مصالح الساكنة، فاستقر التقسيم على (14) جهة كاملة لتتم مراجعة القسمة والدمج والحذف لتصبح ( 12 ) جهة، فطفت احتجاجات تؤطرها جمعيات مدفوعة برؤى حزبية متسترة ومتوارية وبدأ توقيع العرائض والتلويح بمقاطعة الانتخابات ولم تسلم أي جهة من الانتقادات.
وبالعودة لجهة درعة تافلالت يدور حاليا نقاش حاد ساخن ومشتعل بين المهتمين بالشأن السياسي أو السياسويين المدفوعين حول أحقية مدينة على اخرى لتكون هي القائدة والرائدة للجهة، والأمر لم يحسم بعد ولم تأخذ أي مدينة أوراق اعتمادها كعاصمة للجهة، بل هناك نقاش استباقي فقط حول اعتماد مدينة الرشيدية، ومازالت الأحزاب لم تقدم اقتراحاتها في الموضوع.
وكل مدينة من جهة درعة تافلالت لها مؤهلاتها :
فمدينة ورززات لها مؤهلات سياحية وسينمائية وجغرافية وبشرية وفيها أكبر محطة طاقية نظيفة، وهي القريبة من زاكورة وطاطا والقلعة وبومالن...
ومدينة الرشيدية لها مؤهلات تاريخية وفنية وتراثية عريقة، وبها عتاد كبير ومدخرات من الأسلحة وهي الدرع المنيع لصد كل المتربصين بالوطن عبر حدود طويلة وممتدة، وبها جامعة متعددة الاختصاصات على وشك منافسة فاس ومكناس ...
ومدينة زاكورة لها مؤهلات سياحية وجغرافية وقريبة من الحدود...
ومدينة تنغير فيها ثروة سكانية شبابية هائلة ومعادن كبيرة ذات دخل اقتصادي قوي وهي في الوسط بين جميع المدن رغم كون عمالتها حديثة العهد، فكل المدن بجهة درعة تافلالت لها مؤهلاتها الخاصة وما الصراع والتجاذب حول أحقية هاته أو تلك ما هو إلا جدل عقيم وغير نفعي، فالنفع في التكتل والنفع في العمل والنفع في التكامل، ووضع اليد في اليد من أجل تقوية الجهة بدل خلق التوترات والفتن والتشويش على المشروع الحداثي الديمقراطي الذي تبناه المغرب والذي لا رجعة فيه، فما المشكل إذا كانت ورززات وما المشكل إذا كانت الرشيدية أو تنغير أو زاكورة غير أننا نرى حقا أن الضرر في التقسيم الجديد قد لحق ساكنة الريش وإملشيل في ضمهما لجهة خنيفرة أزيلال لارتباط مصالح المدينتين بجهة درعة تافلالت منذ الأزل، وما عدا ذلك من جدل حول أحقية هذه المدينة أو تلك للظفر بعاصمة الجهة ما هو إلا باطل الأباطيل ، فالحق لا يضاد الحق بل يشهد له في كل أنظمة الدول والممالك،وقفزة الجهة ستتحقق بالفكر واليد، فالفكر هو الحقل النظري لحضارتها، والسواعد هي أداة بنائها ولا خير للجهة في الفكر الطفيلي الذي يهدم وينسف ويعارض من أجل المعارضة، وكان الأجدر أن تدور العرائض والنقاشات حول العنصر البشري المؤهل لقيادة الجهة، ويجب على المجتمع المدني ان يقترح بدوره الأشخاص ذوي الكفاءات العالية في التواصل والذين نجحوا في تدبير أقاليمهم وحولوا السلطة من السلطة للمجتمع قبل أن تتقدم وزارة الداخلية وتنعم فتجود بتعيين أشخاص لتسيير الولاية ما بينهم وبين جهة درعة تافلالت غير البر والإحسان ولن يبقى في النقاش حينها غير ضرب الأخماس في الأسداس.



