أمين الحسناوي – أرفود / متابعة
في جو مهيب وجو حزين ووسط حشد كبير من المواطنين الذين حجوا الى مقبر أرفود لأداء صلاة الجنازة على أرواح أسرة الاسماعيلي الذين قتلوا في حادثة سير في ساعة مبكرة من صباح يوم الأربعاء، تجولت " جديد أنفو " لتنقل لكم بعضا من تلك الأجواء.
في الطريق الى أرفود لحضور الجنازة، لاحظنا اكتظاظا غير عادي في الطريق الوطنية رقم 13 الرابطة بين الريصاني والرشيدية وذلك بسبب عودة المواطنين باتجاه مدن عملهم واقامتهم ودراستهم بعد قضاء فترة عيد الاضحى بين ذويهم وأقاربهم في المنطقة، بل كدنا ا نفقد حياتنا بسبب تهور احد سائقي السيارات الرباعية الدفع الذي حاول تجاوز صف من السيارات القادمة من الاتجاه المعاكس.. لولا لطف الله..
دخلنا الى مدينة ارفود التي كانت تعيش على نبض حركة غير عادية انطلاقا من مستشفى الصغيري حماني بن المعطي المتواجد على الشارع الرئيسي للمدينة، والذي تجمع امامه آلاف المواطنين ومئات السيارات استعدادا لانطلاق الجنازة التي ستحمل جثامين أسرة الاسماعيلي الى مثواهم الاخير.
لم نجد مكانا لنوقف سيارتنا، فاضطررنا الى التوجه مباشرة الى المقبرة الموجودة على الضفة اليمنى لوادي زيز، حيث وجدا هناك جموعا اخرى من المواطنين والسيارات بانتظار وصول الجنازة.
استثمرت وقت الانتظار لأكتشف المكان، وأكتشف المشيعين من الشخصيات الحاضرة، شاهدت مسؤولين من العمالة، وعددا من ممثلي المصالح الادارية والسلطات المحلية، ثم وصل كل من رئيس المجلس البلدي للرشيدية برفقة البرلماني عبد الله صغيري وهو رئيس المجلس الحضري لأرفود، ثم وصل رئيس المجلس الحضري للجرف كذلك..
حضر كذلك عدد من المنتخبين من الاحزاب وممثلي الهيئات السياسية والنقابية المختلفة، حشد كبير من رجال التعليم، رفاق الاسماعيلي م الحسن في المهنة، وقد بدى على الكثير منهم علامات الغضب خصوصا بعد نهاية مراسيم التشييع، علامات غضب نتيجة غياب أي ممثل لنيابة التعليم التي ينتمي اليها الضحية.
كنت أقف في منطقة مرتفعة لألتقط المشهد كاملا، صف طويل من السيارات وجماعات من المشيعين تصطف لأداء صلاة الجنازة، ثم أشاهد سيلا بشريا قادما من وسط مدينة أرفود يخترق القنطرة التي لم تكتمل اشغالها بعد، بينما يجتمعون من حول ثلاث سيارات اسعاف تحمل الجثامين الخمسة، احداها داخل صندوق خشبي خامسهم جثة صغيرة لأبنة أخت الأستاذ الاسماعيلي كاتب المجلس الحضري لأرفود.
بمجرد ان وصلت مسيرة المشيعين الى ساحة الصلاة ودخول سيارات الاسعاف من اجل وضع الجثامين للصلاة، اجتمع مئات المشيعين من حول السيارات مما اعاق عملية التنظيم، فاختلط الحابل بالنابل، وارتفعت أصوات بعض كبار السن مستنكرين هذه الممارسات التي يقدم عليها بعض الشباب الراغب بالتصوير و”الفرجة”.. وبعد عناء شديد، عادت الصفوف الى اماكنها واقيمت الصلاة، تم نقل الجثامين بتجاه مثواها الاخير..
خمسة حفر.. لخمس ضحايا من ضحايا حرب الطرق.. حرب المخمورين ضد المواطنين العزل الذين اعتقدوا بأن احترامهم لقانون السير قد يحميهم من موت يتسبب لهم فيه سائقون آخرون لا يهمهم القانون في شيء، ولا يهمهم ان يكونوا في كامل وعيهم وقواهم العقلية..
ووريت الجثامين الثرى في جو مغبر، واجتمع المشيعون للدعاء للموتى، ثم تفرق الحشد، وعادت الشوارع وأرفود الى الاكتظاظ بالسيارات والراجلين والمسافرين العائدين باتجاه مدنهم بالإقليم..
وخلال ذلك، استطعت ان التقط معطيات حول الحادثة، فالسائق المخمور الذي “قتل” العائلة المكونة من خمسة أفراد يرقد حاليا تحت الحراسة بمستشفى الصغيري بن المعطي لتلقي العلاجات الضرورة بعد اصابته بجروح خفيفة.
فحسب شهود عيان، فالسائق خرج من حانة فندق ت بأرفود متوجها الى مرزوكة فوجد نفسه في طريق مكتظة بالسيارات في الاتجاهين فقرر تجاوز رتل من السيارات المتوجهة الى الريصاني في طريق يمنع فيها التجاوز.. تجاوز السيارة الاولى ومر بسلام.. ولكنه تفاجئ بسيارة “رونو 19″ متوجهة باتجاهه.. بينما لاتزال تنتظره سيارة أخرى مسرعة “بارتنر” يحاول تجاوزها و يفشل وبدل ذلك، صدمها بشكل جانبي من أجل اخراجها من الطريق، فاتجهت الى حافة الطريق وانقلبت ثلاث مرات أو أربع.. لحسن الحظ فان سائق البارتنر.. ولكن الحافلة السياحية رغم ذلك وجدت نفسها في مواجهة مباشرة مع سيارة الاسماعيلي لتصدمها بقوة وتعجنها عجنا وتقتلت كل من فيها باستثناء أخت مولاي الحسن التي نقلت على وجه السرعة الى مستشفى مولاي علي الشريف قبل ان تسلم الروح الى بارئها..
وهكذا.. تأبى آلة الإجرام السلوكية إلا أن تذهب بأرواح أبرياء جدد.. يخرج مواطن من الحانة مخمورا يركب آلة القتل الخاصة به.. يبدأ في تخطي السيارات الأخرى.. يقوم بتجاوز معيب غير مسموح به لثلاث سيارات.. يصطدم بسيارة الأسرة.. يقتلهم جميعا.. وينجو هو ببساطة..
ليس العيب في الطريق …
ولا العيب في السيارات …
ولكن العيب في السلوك … وفي أم الخبائث … وإنا لله وإنا إليه راجون …
تفاصيل إضافية عن هذه الحادثة المميتة على الرابط التالي :
http://www.jadidinfo.com/article-3855.html



