أحمد بيضي – خنيفرة/ جديد أنفو

انخرطت عدة جمعيات بخنيفرة في احتفالات السنة الأمازيغية الجديدة 2965، وكان طبيعيا أن تجد هذه الاحتفالات تجاوبا واسعا من طرف المشاركين والمدعوين وهي تقع على تراب إقليم كخنيفرة كان مهدا للإعلان عن وضع الطابع الملكي على الظهير المحدث للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وخلاله أكد الملك أن "خدمة الأمازيغية مسؤولية وطنية وتقع على عاتق كل المغاربة"، كما هي "مكون أساسي للثقافة الوطنية، وتراث ثقافي زاخر، شاهد على حضورها في كل معالم التاريخ والحضارة المغربية"، وتعود بداية التقويم الأمازيغي إلى سنة 950 قبل الميلاد والتي شهدت انتصار الملك الأمازيغي شيشناق على مالك الفراعنة رمسيس الثالث.

وجاءت احتفالات الجمعيات بخنيفرة بحلول السنة الأمازيغية الجديدة مناسبة أخرى للتعرف على الثقافة والتراث الأمازيغيين باعتبار الأمازيغية إحدى مكونات الهوية المغربية، سيما في تنوع هذه الاحتفالات بأنشطة وفقرات فنية وثقافية وتربوية عكست بالأساس ارتباط السكان بتاريخهم وأصولهم، وهم يجددون مطالبتهم للدولة بترسيم السنة الأمازيغية وجعلها عطلة سنوية اعترافا برمزيتها وحمولتها الحضارية والتاريخية.

وفي هذا الصدد، نظمت "جمعية تفسا للتنمية والثقافة الأمازيغية"، بحي فارة بخنيفرة حفلا رائعا، عرف حضورا مكثفا من مختلف الأعمار والشرائح الاجتماعية والجمعيات المحلية، افتتحه المقرئ بدر بآيات قرآنية، وشاركت فيه فرق فولكلورية وغنائية بلوحات تنوعت بين الأغنية والشعر والحكاية وغيرها من التي صدحت بالكثير من الدلالات الهوياتية التي عكست بجلاء غنى الإرث الثقافي والحضاري للإنسان الأمازيغي بشمال إفريقيا، وقد تم تأثيث الحفل بفرقة إنشادن من خنيفرة ومجموعة امديازن من تيقاجوين، قبل تتويجه بأطباق من الكسكس التي تم حشو بعضها بحبات لوز أو تمر على أساس أن كل من عثر عليها يعتبر محظوظ السنة وفق الطقوس الضاربة في عمق التاريخ.

وصلة بالموضوع، كانت "جمعية أزمور أيت خويا للبيئة والتنمية الاجتماعية" بحد بوحسوسن بإقليم خنيفرة في الموعد، حيث احتفلت بدورها بحلول السنة الأمازيغية من خلال تنظيمها لندوة تواصلية حول "الدلالات السياسية والحضارية للسنة الأمازيغية"، حضرها محمد أجغوغ الباحث والسياسي في الشؤون الأمازيغية في الساحل وشمال أفريقيا، والمنسق الوطني للمنظمة الوطنية الأمازيغية من أجل الصداقة والتعاون مع شعوب البحر الأبيض المتوسط، إلى جانب وجوه أخرى مهتمة بالموضوع، بينهم حميد عقاوي وعقى عقاوي، وقد تم افتتاح اللقاء بكلمة لرئيس الجمعية، إبراهيم أقمري، الذي وضع الأصبع على جوانب متعددة من انشغالات الجمعية وطموحاتها، على غرار باقي المتدخلين والفاعلين المحليين، من أجل المساهمة في النهوض بانتظارات الجماعة في رسم خارطة طريق لمستقبل منشود.

الندوة تناولت العديد من القضايا المطروحة، وأهمية ودلالة الاحتفال بالسنة الأمازيغية، سياسيا وتاريخيا وثقافيا وحضاريا، في أفق كسب المزيد من التحديات والتطلعات المرتبطة بمستقبل الهوية الأمازيغية، وكم ازداد اللقاء دفئا على ضوء تدخلات شباب المنطقة ممن وجدوا في المناسبة فرصة مواتية لإبراز ما تتخبط فيه حد بوحسوسن، ومحيطها القروي، من مظاهر ومعاناة مع التهميش والفقر والهشاشة والعطالة والحيف والإقصاء، ومع تدني البنى التحتية والخدمات الاجتماعية والحياة الأمنية، إلى جانب انعدام الحقوق الاقتصادية والثقافية والبيئية، بينما لم يفت الكثيرين التركيز على ظروف المنطقة مع مشكل قطاع النقل والمضاربات والتلاعبات.

وفي ذات السياق، فضلت "شبكة الجمعيات التنموية أيت سكوكو" بمريرت، وبشراكة مع وزارة الثقافة، وبدعم من الاتحاد الأوروبي،، تخليد احتفالات السنة الأمازيغية الجديدة بتنظيم مسابقة في الشعر الأمازيغي"إمديازن"، تحت شعار "البعد الثقافي والتضامني للشعر الأمازيغي"، تنافس فيها 11 شاعرا من مختلف قبائل أيت سكوكو، جلهم من الشباب، في حين تزامنت هذه التظاهرة بلقاء عقدته "شبكة الجمعيات التنموية" مع الشبكة المغربية للاقتصاد الاجتماعي والتضامني وأوكسفام الإيطالية.

وقد تم انتداب لجنة محايدة للتحكيم من مدينة أزرو، وتتشكل من الشاعرين محمد البوسعيدي ومحمد أفجضاض، إضافة إلى المخرج والممثل محمد شاكري، حيث تم تتويج الاقصائيات الشعرية بالإعلان عن فوز الشاعر المخضرم مصطفى أكنو بالجائزة الأولى، تلاه الشاب عبي العثماني في المرتبة الثانية ليحتل قرينه أحمد العثماني المرتبة الثالثة، وجميعهم من قبيلة آيت عثمان التي فات لمجموعة منها أن شاركت في عدة مهرجانات وملتقيات جهوية ووطنية، لتختتم التظاهرة بحفل فني اختيرت لتنشيطه لطيفة معديني ولحسن فاروقي، وجاء متنوعا بأناشيد ووصلات أمازيغية من أداء براعم من مدرسة "أيت حجو"، صفق لها الحاضرون بحرارة، وللوحة رائعة من فن أحيدوس قدمتها فرقة "أفراح أحيدوس مريرت" تلتها فقرة تكريم بعض الفعاليات الثقافية والتربوية.

وقد اختتمت المناسبة بمأدبة الكسكس الأمازيغي "ثالقّينت ن ناير"، يتم وضع حبة تمر ببعض أطباقها، كل من يعثر عليها يعتبر صاحب سعد وبركة وفق التقاليد المعروفة، وقد أجمع الحاضرون على أهمية مثل هذه التظاهرات المميزة في خدمة وإبراز الإبداع الشعري الأمازيغي، ما تم اعتباره تكريما للثقافة الأمازيغية الأقدم ثقافة في المغرب، نظرا ما الشعر الأمازيغي من دور في توثيق الهوية والأصالة التاريخية، وفي صيانة الذاكرة الشعبية للإنسان الأمازيغي، مع مطالبة الجميع بضرورة إعادة الاعتبار للأدب الأمازيغي الذي ما يزال بحاجة للكثير من الاهتمام والدعم.