أحمد بيضي – خنيفرة / جديد أنفو

لفظت امرأة حامل أنفاسها الأخيرة، بقبيلة أيت زيد أورمرزغيان، بعد مخاض عسير نتيجة استخفاف وتهاون الجهات المعنية بجماعة أغبالو نسردان، على الحدود بين إقليمي خنيفرة وميدلت، ذلك رغم تكرار نداءات الاستغاثة، طيلة صباح الجمعة 23 يناير 2015، بمصالح هذه الجماعة التي كان رئيسها خارج البلاد، ثم بقيادة بومية، من أجل التدخل لإنقاذ المواطنة المذكورة، رابحة زكري، البالغة من العمر 34 سنة، والأم لأربعة أطفال بما فيهم حديثة الولادة التي استنشقت أنفاسها الأولى دون أم، حيث لم تجد الضحية من يعمل على نقلها إلى أقرب مستشفى، عندما ظلت الآذان الصماء هي المُخاطَب الوحيد، سواء بالجماعة أو بالقيادة التي عمد مسؤولها الأول، حسب مصادر "جديد أنفو" إلى التعامل مع نداءات الاستغاثة بعقلية جافة.

وبينما ألح عدد من أفراد أسرة المواطنة المتوفاة أول الأمر على رفض تسلم جثتها إلى حين محاسبة المتورطين، لم يمر الحادث المفجع بسلام دون اشتعال غضب السكان الذين قرروا تنظيم مسيرة شعبية، يوم السبت 24 يناير 2015، باتجاه عمالة إقليم خنيفرة، رغم أحوال الطقس السيئة وظروف الليل الباردة، ما كان رسالة واضحة لسلطات إقليم ميدلت وفضح تهاونها ولامبالاتها، وكم أصر المشاركون في المسيرة على مواصلة السير مشيا على الأقدام، رغم كل السبل التي قامت بها السلطات لمنعهم من التقدم، ومنها قائد بومية الذي حاول تهديد المحتجين رغم أنه من بين المتورطين الذين سبق الاتصال بهم في شأن حالة المواطنة وتعامل مع الأمر ببرودة دم على أساس أن الطريق مقطوعة.

وأمام تحديات المحتجين، توصلوا بخبر يفيد بإقدام السلطات على فتح الطريق التي تربط كروشن ببومية، على نقطة تيزي نغشو، إلى جانب فتح عدد أخر من المسالك الثانوية، في محاولة فاشلة لإرضاء المحتجين واحتواء الاحتقان الذي ظلت روح المواطنة المتوفاة نقطته الرئيسية، حيث واصل عشرات المحتجين طريقهم نحو خنيفرة تحت أجواء البرد والظلام على أساس استئناف سيرهم باتجاه العاصمة الرباط لاستعراض معاناة منطقتهم، في حال التعامل مع مطالبهم بأسلوب التطمين والحوار المغشوش، وحينها أسرعت السلطات الإقليمية بخنيفرة، في شخص الكاتب العام للعمالة، إلى التحاور معهم على مشارف مدينة خنيفرة، علما أن غالبية السكان يطالبون بإلحاق منطقتهم بإقليم خنيفرة عوض إقليم ميدلت، حيث وعدهم الكاتب العام بفتح باب للحوار فور فور دفن المواطنة المتوفاة.

وعلاقة بمأساة المواطنة المتوفاة، أنه بعد كل الاتصالات والنداءات، ظلت هذه المواطنة تصارع ألام المخاض إلى أن وضعت مولودتها، يوم السبت 24 يناير 2015، فازدادت حالتها سوء نتيجة مضاعفات الإنجاب الصعب، ما أجبر أسرتها على نقلها بوسائل بدائية في "كاشة"، رغم أحوال الطقس ووعورة التضاريس، لعدم تجاوب أي جهة مع حالتها الحرجة، وبمنطقة "تاجورت" تمكنت الأسرة من التواصل مع جماعة كروشن التي أوفدت سيارة إسعاف نقلت المعنية بالأمر إلى مركز البلدة لتلقي ما يوجد من وسائل الإسعاف، قبل نقلها إلى المستشفى الإقليمي بخنيفرة، غير أن الموت لم يمهلها طويلا وهي تفارق الحياة على مشارف منطقة سرو جراء المعاناة والنزيف الحاد.

وفي هذا الصدد، شدد زوج المعنية بالأمر، حمو اسماعيلي، لبعض وسائل الإعلام، وهو في حالة غضب هستيري، على استنكاره ل "مقتل" زوجته بواسطة الإهمال والاستخفاف، محملا الجهات، التي اتصل بها، مسؤولية وفاة أم أطفاله بسبب تعاملها السلبي مع الحالة، في حين لم يفت الأوساط المتتبعة المطالبة من الجهات المسؤولة بفتح تحقيق في النازلة، والتعامل مع الموضوع بجدية في أفق تحديد المسؤوليات ومحاسبة كل من تبثث مسؤوليته وراء المأساة.

فضيحة وفاة المواطنة المذكورة عادت بأوضاع المنطقة إلى الواجهة، حيث تعاني الساكنة بين إقليمي ميدلت وخنيفرة كل مظاهر التهميش والعزلة والإقصاء الاجتماعي، وهشاشة البنية التحتية والطرقية والخدمات الأساسية، حتى أن العديد من الدواوير كادت أن تصبح فارغة من ساكنتها جراء نزيف الهجرة المتتالية، وكم كان امتعاض الكثيرين كبيرا عند عدم عثورهم على أدنى تبرير لوفاة مواطنة بالإهمال على بعد كيلومترات قليلة من ما تسميه وزارة الصحة ب "المستشفى الميداني" ببومية، والذي يبدو أنه لم يكلف نفسه عناء الوقوف على الحالات التي تحتاج للرعاية والاهتمام.

في حين تساءل الكثيرون عن مآل التعليمات الملكية ليوم السبت 17 يناير 2015، والتي أعطيت إلى كل من وزارتي الداخلية والصحة، والقوات المسلحة الملكية والدرك الملكي ومؤسسة محمد الخامس للتضامن، قصد التجند لمواجهة الانخفاض لدرجات الحرارة، وتقديم المساعدة اللازمة للسكان بما يضمن سلامتهم وطمأنينتهم، ومروحيات لنقل المتضررين إلى المراكز الصحية، خاصة بمناطق الأطلس المتوسط والأطلس الكبير والحوز.

وتأتي مأساة أغبالو نسردان لتنضاف إلى أخرى حدثت، مساء الأربعاء 21 يناير 2015، بقرية تاولي، ضواحي القباب بإقليم خنيفرة، حيث توفيت مواطنة حامل بسبب انعدام وسائل النقل والتواصل، وانعدام حطب التدفئة بعد تنكيل أحد الغابويين بمواطن من أسرة المتوفاة نقل حطبا قليلا، ما حمل السكان إلى تنظيم مسيرة شعبية حاشدة باتجاه عمالة الإقليم، إلا أنها لم تصل من خلال إقناع المحتجين بالعمل على توفير وسائل النقل وتحقيق باقي المطالب التي تم وعدهم بها في حضور عامل الإقليم، ومن ذلك توفير دار للتوليد وحطب التدفئة والماء الشروب ودعم بنى التمدرس وغيرها.